صلاة تحية المسجد أثناء خطبة الجمعة.. ما الحكم الشرعي؟ دار الإفتاء توضح

في يوم الجمعة، حيث يجتمع المسلمون للاستماع إلى الخطبة وأداء الصلاة في وقتها المعلوم، تبرز أسئلة فقهية كثيرة تتعلق بسلوكيات وآداب التواجد في المسجد، ومنها مسألة أداء صلاة تحية المسجد أثناء خطبة الجمعة.
وتأتي هذه التساؤلات في ظل حرص كثير من المصلين على تطبيق السنن والشعائر بدقة، ما يجعلهم يتساءلون: هل الأفضل أداء تحية المسجد أم الجلوس والإنصات للخطبة
أجابت دار الإفتاء في ذلك:
يستند هذا الحكم إلى عدة أدلة شرعية مستمدة من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم:
“إذا دخل أحدكم المسجد يوم الجمعة والإمام يخطب، فليصلي ركعتين خفيفتين.”
(رواه مسلم)
حكم الصلاة أثناء الخطبة
يشرح العلماء أن الخطبة جزء أساسي من صلاة الجمعة، وتُعد بمثابة الموعظة التي ينتظرها المسلمون للاستفادة من تعاليم الإسلام وحكمه. بناءً على ذلك، يُستحب للمسلم أن ينصت للخطبة ويترك ما سواها من الأعمال العبادة، إذ أن استماع الخطبة من السنة المستحبة، ويترتب عليه أجر عظيم.
وعند دخول الشخص المسجد في أثناء الخطبة، يجب عليه أن يجلس مباشرة دون أداء أي صلاة. وقد أضاف العلماء أن القيام بصلاة تحية المسجد أثناء الخطبة يعد تصرفًا غير مستحب، إذ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن فعل أي شيء يشغل عن الاستماع للخطبة، خاصة إذا كانت قد بدأت بالفعل.
هل يمكن أداء صلاة تحية المسجد في حال الدخول المتأخر؟
هناك بعض الحالات التي يطرح فيها المصلون سؤالًا آخر، وهو ما إذا كان يمكن أداء صلاة تحية المسجد إذا دخل الشخص المسجد بعد بداية الخطبة. الإجابة على هذا السؤال تقتضي فهمًا دقيقًا للأوقات المختلفة في يوم الجمعة. فإذا دخل المسلم المسجد والإمام يخطب، يُستحب أن يترك الصلاة ويجلس للاستماع للخطبة.
ومع ذلك، يُسمح له بأداء ركعتين خفيفتين إذا كان قد دخل المسجد قبل بدء الصلاة مباشرة، وكان الوقت يسمح بذلك، على أن يكون أداء الصلاة بشكل سريع وغير مفسد للخشوع في الخطبة.
هل هناك استثناءات أو أوقات يمكن فيها أداء الصلاة؟
في بعض الحالات، يمكن أداء صلاة تحية المسجد ولكن بشروط خاصة، ففي حال كان المسجد خاليًا من المصلين، أو إذا كانت الخطبة قصيرة جدًا، أو إذا كان الشخص بحاجة للصلاة بسبب ظروف معينة (مثل حالة طارئة أو ضيق الوقت)، يمكن أداء الصلاة بسرعة، شريطة أن يكون المسلم على يقين من عدم تفويت الاستماع إلى جزء كبير من الخطبة.
أهمية استماع الخطبة
من الأمور التي تؤكد عليها الشريعة الإسلامية، أن الخطبة تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من صلاة الجمعة، وهي الموعظة التي يستفيد منها المسلمون من خلال التأمل في معانيها والعمل بها في حياتهم اليومية.
لذلك، الاستماع للخطبة يعد أكثر أهمية من أداء صلاة تحية المسجد، وذلك لما لها من أثر كبير في تقوية الروح الإيمانية. يُنبه الفقهاء إلى أنه لا ينبغي أن يكون أي فعل آخر قد يؤدي إلى تشتيت الذهن أو إشغال القلب أثناء الخطبة، بل يجب على المسلم أن يُركز تمامًا في الكلام الذي يقدمه الإمام.
ختامًا، يؤكد العلماء على ضرورة الحرص على اتباع السنة النبوية في هذه القضية، حيث يكون الاستماع للخطبة والجلوس بانتباه من أولى الأولويات في صلاة الجمعة. إذا دخل المسلم المسجد والإمام يخطب، عليه أن يُجلس ويصغي، لأن هذا هو الأصل في الإسلام. وفي حال عدم القدرة على الاستماع أو إذا كانت هناك ظروف استثنائية، يمكن أداء صلاة تحية المسجد بسرعة، ولكن ذلك لا يعني التفريط في أهمية الاستماع للخطبة.
إن التزام المسلم بهذه الأحكام، يعكس فهماً عميقًا للدين، ورغبة في اقتفاء أثر النبي صلى الله عليه وسلم في كافة التفاصي