عاجل

في كل خطاب للرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي كل توجيه يصدره خلال الاجتماعات واللقاءات، نلمح بوضوح تلك الرؤية العميقة والمتكاملة التي يتبناها الرئيس السيسي لبناء دولة قوية، قادرة، عادلة، ولعل أبرز ما يميز هذه الرؤية هو ذلك الإيمان الراسخ بأن "بناء الإنسان المصري" ليس مجرد شعار مرحلي، بل هو الهدف الاستراتيجي الأسمى، والطريق الأوحد لتحقيق التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية.

وفي توجيهات الرئيس الأخيرة بشأن قطاعي التعليم والصحة، تتجسد فلسفة الجمهورية الجديدة بكل أبعادها الإنسانية، والاجتماعية، والاقتصادية، و أصبح من الواضح أن الدولة المصرية، بقيادة الرئيس السيسي، تعيد رسم أولوياتها في ضوء إدراك عميق بأن الإنسان هو غاية التنمية ووسيلتها، وأن الاستثمار الحقيقي ليس في البنية التحتية فقط، بل في العقول والقلوب، في الوعي والمعرفة، في الصحة والسلوك.

إن إصلاح التعليم لم يعد خيارا، بل ضرورة حتمية، وإرادة سياسية تتحرك على أرض صلبة، فالرئيس السيسي يعي أن أي أمة لا تنهض إلا بالعلم، وأن القوة الناعمة الحقيقية لأي دولة تكمن في منظومتها المعرفية والثقافية و من هنا جاءت توجيهاته بضرورة تطوير المناهج الدراسية لتكون مواكبة للعصر، محفزة على التفكير النقدي، داعمة للابتكار، ومتماشية مع متطلبات سوق العمل المحلي والعالمي.

الرئيس لا يتحدث فقط عن الأبنية المدرسية والرقمنة، بل يضع يده على جوهر الأزمة: المعلم لذا تأتي دعوته لتحسين أوضاع المعلمين ماديا ومعنويا كترجمة عملية لإيمانه بأن المعلم هو عماد النهضة، وأن الاستثمار فيه هو استثمار في المستقبل، كما أن دعم التعليم الفني والتكنولوجي لم يعد من الهامش، بل في قلب الأولوية، في ظل حاجة الدولة إلى الكوادر المدربة التي تواكب الصناعات الجديدة والمشروعات العملاقة التي تقيمها مصر في كل ربوعها.

أما في ملف الصحة، فإن الرئيس يرسخ لمبدأ أن العلاج الجيد ليس رفاهية، بل حق أصيل لكل مواطن، ويأتي ذلك من خلال توجيهاته المتكررة بتطوير المستشفيات العامة، وتحسين بيئة العمل للأطباء وهيئات التمريض، وتوسيع مظلة التأمين الصحي الشامل ليغطي كل المصريين، بلا تمييز أو استثناء.

الرؤية هنا متكاملة: وقائية وعلاجية، قصيرة المدى وطويلة الأجل، من مبادرات القضاء على فيروس "سي"، والكشف المبكر عن الأمراض المزمنة، إلى دعم الرعاية الأولية والطفولة، وصولا إلى إنشاء مدينة دوائية متكاملة تسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية.

وحين نقرأ هذه التوجيهات في ضوء فلسفة العدالة الاجتماعية، ندرك أن الرئيس السيسي لا يرى العدالة مجرد توزيع للموارد، بل تهيئة للفرص المتكافئة، التعليم الجيد حق لكل طفل في قرية أو نجع أو مدينة، الصحة اللائقة حق لكل مواطن بغض النظر عن دخله أو مكان إقامته ، وهذا هو جوهر العدالة: تمكين الإنسان من أدوات النهوض، وليس الاكتفاء بالدعم المؤقت.

إن ما يطرحه الرئيس في ملف بناء الإنسان هو مشروع وطني متكامل يتجاوز حدود الوزارات والميزانيات، إنه يتحدث عن تغيير في الوعي الجمعي، في الثقافة العامة، في منظومة القيم والسلوك ومن هنا جاء ربطه بين التعليم، والصحة، والدين، والإعلام، والثقافة، بوصفها مكونات متشابكة في تشكيل شخصية المواطن المصري.

الرئيس يؤمن بأن الإنسان المصري يستحق الأفضل، وأن لديه من الطاقة والذكاء ما يؤهله للمنافسة العالمية إذا توافرت له البيئة الملائمة لذلك فإن هذه التوجيهات ليست استجابة ظرفية، بل خطة ممتدة لبناء مواطن واع، مثقف، سليم البدن والعقل، مرتبط بهويته، منفتح على العالم، و ما نشهده اليوم من مشروعات تنموية كبرى، ومبادرات اجتماعية شاملة مثل "حياة كريمة"، ما كان لها أن تؤتي ثمارها لولا وجود هذه الرؤية التي تضع الإنسان في مركز الاهتمام، دولة الإنسان، كما يريدها الرئيس، هي دولة تعلي من كرامة المواطن، وتمنحه أسباب العيش الكريم، وتبني داخله شعورا حقيقيا بالانتماء والفخر.

إن هذه التوجيهات هي فرصة تاريخية لترسيخ مفهوم التنمية المستدامة ذات البعد الإنساني، ونؤمن بأن الالتفاف حول هذا المشروع الوطني الجامع هو مسؤولية الجميع: حكومة، ومجتمع مدني، وأحزاب، ومواطنين، فبناء الإنسان هو بداية الحلم... ومفتاح النهضة.

تم نسخ الرابط