عاجل

«بنى لها قصرًا ودللها»... بيوم الأسرة العالمي كيف عامل المصري القديم زوجته

الأسرة المصرية القديمة
الأسرة المصرية القديمة

«بنى لها قصرًا ودللها»... في يوم الأسرة العالمي كيف عامل المصري القديم زوجته 

احتفت وزارة السياحة والآثار، باليوم العالمي للأسرة، والموافق 15 مايو من كل عام، حيث كانت الأسرة في مصر القديمة أساس المجتمع ومصدرًا للقيم والتقاليد، وقد حظيت بمكانة كبيرة في حياة المصريين، حيث تُظهر النقوش والبرديات ذلك، ما يعكس دورها الهام في الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي والثقافي.

الأسرة ودورها 

منذ بداية وجود الإنسان على الأرض، والمرأة تلعب دورًا هامًا في حياة المجتمعات الإنسانية، وتعتبر من أهم الأسباب الرئيسية في قيام الحضارات وتقدم البلدان، وبالرغم من هذا الدور الكبير فإن كثيرًا من المجتمعات القديمة لم تُكرّم المرأةَ وتقدّر دورَها الهام في المجتمع، ولكن الأمر في مصر القديمة اختلف، فقد كان التقدير والتكريم للمرأة كبيرًا وواضحًا. 

دور الزوج والأم 

وقد كان الزوج رب الأسرة، يرعى أفرادها ويوفر لهم حاجاتهم، ويحب زوجته ويحترمها، وكانت الأم تحتل مركزًا مهمًا في الأسرة، فهي التي تشرف على شئون منزلها، كما كانت تخرج إلى الأسواق وتمارس البيع والشراء، وتزاول الموسيقى والغناء، وتمتعت المرأة المصرية القديمة، أيضًا بحقوق الوراثة، والشهادة، والتعاقد، كما كان لها مكانتها في عالم الآلهة التي عبدها المصريون. 

لم يكن الآباء يفرقون في معاملة أولادهم وبناتهم من نصائح الحكيم "بتاح حتب" عن حب الزوج لزوجته في مصر الفرعونية. إذا كنت عاقلاً أسس لنفسك بيتًا، وأحب زوجتك حبًا جمًا، وأحضر لها الطعام وزودها بالملابس، وقدم لها العطور، إياك ومنازعتها، باللين تملك قلبها، واعمل دائماً على رفاهيتها لتستمر سعادتك وكان الزوجان يشيران في حب على بعضهما البعض بلفظ (أخ) أو (أخت) وأثناء الدولة الحديثة، كانت لفظة (أختي) مرادفًا للفظة (عزيزتي) أو (زوجتي).

الترابط الأسري 

عبرت المناظر التي تجمع بين أفراد الأسرة الواحدة ملكية،أم غير ملكية، عن الود والترابط الأسري، ولعل من أبرز المناظر الملكية الدالة على ذلك مناظر الملك "أمنحتـﭗ الرابع" (أخناتون) بصحبة زوجته "نفرتيتي" وبناتهما (في أواخر عصر الأسرة الثامنة عشرة)، والتي أظهرت الود والألفة بين أفراد هذه العائلة، فنرى في أحد المناظر الملك والملكة جالسين متقابلين تحت أشعة "آتون" وهما يُدلِّلان بناتهما، ويعد هذا المنظر من أجمل المناظر العائلية التي وصلتنا من عهد "أخناتون". 

أخناتون وزوجته 

أخناتون بصحبة زوجته نفرتيتي وبناتهما تل العمارنة كما أن هناك تمثال صغير عُثر عليه في "العمارنة"، صُوِّرَ فيه الملك جالسًا وابنته الصغيرة فوق ركبتيه، وهو يضمها ويقبلها. وهناك رسم لنفس الملك وهو يحتضن زوجته نفرتيتي التي اختفى كل جسدها تقريبًا في جسد الملك، ولم يظهر منه سوى أثر بسيط بدا وكأنه ظل للملك، بما يعبر عن تفاني الزوجة في حبها لزوجها وإخلاصها له. 

توت عنخ آمون وزوجته

وهناك صورة نراها على ظهر كرسي عرش الملك توت عنخ آمون، محفوظ بالمتحف المصري، تبين منظرًا تتجلى فيه الحياة الأسرية بأجمل معانيها، حيث نرى الملك مصوَّرًا وهو يجلس على عرشه في غير تكلّف، بينما زوجته الملكة عنخ إس إن با آتون، مائلة أمامه وهي تُعطِّره، وفي إحدى يديها إناء صغير للعطر تأخذ منه، وباليد الأخرى عِطر تمسح منه كتفَ زوجها برقة ولطف، كما نراها في صورة أخرى وهي تقف أمامه وتقدم له الزهور؛ وفي صورة ثالثة نراها تقف إلى جانبه وهي تسند ذراعه، تعبيرًا عن معاونتها له. 

الحب والإخلاص 

وهناك تماثيل في المتحف المصري تمثّل الزوج وزوجه في أوضاع تدل على الحب والإخلاص، ومن ذلك تمثال (JE. 51281) مصنوع من الحجر الجيري الملون من الجيزة، من عصر الأسرة الخامسة، للقزم سـنب وأسرته، وتتجلى فيه روح المحبة والعطف التي تسود الأسرة المصرية، فالزوجة تجلس إلى جوار زوجها وتلف ذراعها في رقة ولطف حوله تعبيرًا عن حبها وإخلاصها، في حين صُوِّر الأبناء أسفل والديهم في أدب واحترام، على أن الفنان قد حرص أيضاً على تحقيق التوازن بين العناصر المكونة للتمثال رغم اختلاف أحجامها. 

إمنحتـﭗ الثالث وتي

كما بلغ افتتان الملك إمنحتـﭗ الثالث بزوجته تي، أن شيد لها قصرًا في طيبة الغربية، وحفر في حديقته بحيرة كبيرة مُحاطة بالأزهار من أجل أن تتنزه فيها، وكان الرجال يضعون في مقابرهم تماثيل أو رسومًا لزوجاتهم، وإذا عزَّ ذلك استبدل بها نماذج فخارية عليها صورة الزوجة.

«بنى لها قصرًا ودللها»... في يوم الأسرة العالمي كيف عامل المصري القديم زوجته 

ويحتفل العالم في يوم 15 مايو من كل عام، باليوم العالمي للأسرة، وهو مناسبة أُنشئت لتعزيز الوعي بأهمية الأسرة وضرورة تقديم الدعم لها. يجمع هذا اليوم بين الحكومات والمجتمعات والأفراد للعمل معًا على تحقيق بيئة أسرية صحية، وهو فرصة لزيادة الوعي بالتحديات التي تواجه الأسرة في العصر الحالي.

كما يُعتبر هذا اليوم، دعوة للتفكير في سُبل تدعيم دور الأسرة في تشكيل هوية الأفراد والسلوكيات الخاطئة بين الأطفال والمراهقين، بالإضافة إلى كونه منصة لمعالجة التحديات التي تواجهها الأسر وطرح حلول لخلق بيئة ملائمة لازدهار الأسرة.

تم نسخ الرابط