نقل العاصمة الإيرانية إلى مكران..حلم استراتيجي أم كارثة بيئية؟

تواجه طهران تحديات بيئية وصحية متزايدة نتيجة التلوث الكبير والتكدس السكاني، بالإضافة إلى تهديدات محتملة من الزلازل.
وفي ضوء هذه الأزمات، تفكر السلطات الإيرانية في نقل العاصمة إلى الساحل الجنوبي للبلاد، وتحديدًا إلى منطقة مكران الواقعة على بحر عمان، ويُعد هذا المشروع الطموح محط جدل كبير بسبب تكاليفه العالية وآثاره البيئية المحتملة.
فكرة نقل العاصمة
يُعتبر مشروع نقل العاصمة الإيرانية من طهران إلى منطقة مكران خطوة جذرية، حيث يتضمن نقل ملايين السكان على مسافة تزيد عن 1000 كيلومتر إلى منطقة شبه صحراوية في الجنوب، بالقرب من الحدود مع باكستان.
وتتميز هذه المنطقة بشواطئها ذات المياه الزرقاء وميناء تشابهار الاستراتيجي، فهي تعد مكانًا مناسبًا للتطوير بسبب موقعها الجغرافي المتميز.
جاء القرار الجديد بعد فترة من التفكير، حيث أعاد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان طرح الفكرة لأول مرة منذ توليه منصبه في يوليو 2024.
ومن جانبها، صرحت المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية، فاطمة مهاجراني، أن المشروع لا يزال "قيد الدراسة"، مع التأكيد على أن منطقة مكران هي الموقع المقترح.
دوافع استراتيجية
يربط العديد من المحللين اختيار منطقة مكران، لكونها تشمل العديد من الأهداف الاستراتيجية، فالمنطقة تحتوي على منطقة حرة في تشابهار، التي شهدت افتتاح ميناء حديث في عام 2017 ويُتوقع أن يصبح مركزًا تجاريًا مهمًا.
كما تهدف إيران إلى منافسة الموانئ البحرية في دبي وغاودار، مما يعزز موقعها التجاري على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
كما يُنظر إلى هذا المشروع كفرصة لتعزيز اقتصادات المناطق الجنوبية من إيران وربطها بالأسواق الآسيوية والأفريقية عبر ميناء تشابهار.
التحديات البيئية
مع ذلك، يواجه المشروع اعتراضات كبيرة من ناحية التأثيرات البيئية، إذ أن منطقة مكران شبه صحراوية تفتقر إلى المياه، ما يتطلب بناء محطات تحلية المياه، وهي عملية مكلفة ومرتبطة بتلوث بيئي شديد.
بالإضافة إلى ذلك، ستؤدي الحاجة إلى مكيفات الهواء في هذه المنطقة الحارة إلى زيادة كبيرة في استهلاك الكهرباء في وقت تعاني فيه إيران من أزمة طاقة حادة، كما أن استنزاف المياه الجوفية في طهران هو مصدر آخر من مصادر القلق البيئي، مما يزيد من تعقيد الموقف.
التحديات الاقتصادية واللوجستية
تشير التقديرات إلى أن تكلفة نقل العاصمة إلى مكران قد تصل إلى حوالي 100 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم للغاية في ظل الوضع الاقتصادي الراهن، وفي الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد الإيراني من تأثيرات العقوبات المالية، يبرز هذا المشروع باعتباره خطوة قد تزيد من الأعباء المالية على الدولة.
مستقبل طهران: أزمة غير قابلة للتجاهل
تواجه طهران مشكلات بيئية خطيرة مثل التلوث المستمر والاختناقات المرورية، إضافة إلى التدهور في البنية التحتية،حيث يعاني سكان طهران من مستويات غير مقبولة من تلوث الهواء، الذي يسبب سنويًا وفاة نحو 50 ألف شخص.
من جانب آخر، تواجه طهران تهديدًا إضافيًا من الزلازل، حيث تقع المدينة على عدة فوالق نشطة، مما يجعلها عرضة لزلازل قوية يمكن أن تكون لها آثار مدمرة على المدينة المكتظة بالسكان، وهو أمر يجعل نقل العاصمة أكثر إلحاحًا.
رغم أهمية المشروع، فإن العديد من الخبراء يرون أن نقل العاصمة يعد خطوة غير واقعية بالنظر إلى التحديات الاقتصادية والبيئية واللوجستية، كما أن هذه الخطوة ستتطلب عقودًا من الزمن لتصبح حقيقة.