خفض عدد الإدارة العليا في جنيف إلى ستة أعضاء
الصحة العالمية تقلص قيادة مقرها الرئيسي من 11 عضوًا إلى 6 فقط بسبب التمويل

أعلن المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس، خفض عدد فريق القيادة العليا في المقر الرئيسي للمنظمة بجنيف، في إطار خطة إعادة هيكلة تهدف إلى مواجهة أزمة التمويل المتفاقمة، خاصة بعد خفض الدعم الأمريكي.
وجاء في رسالة مقتضبة بعث بها تيدروس إلى موظفيه، واطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، أن التشكيلة الجديدة لفريق الإدارة ستتقلص من 11 عضوًا إلى 6 فقط، اعتبارًا من 16 يونيو 2025، في خطوة غير مسبوقة منذ عقود.
الانسحاب الأمريكي وتجميد المساعدات
وكانت المنظمة الأممية قد بدأت في مراجعة شاملة لهياكلها وبرامجها التشغيلية، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف تمويل بلاده للمنظمة، ورفض دفع رسوم العضوية المقررة لعامي 2024 و2025، ضمن توجه أوسع لتقليص المساعدات الخارجية الأمريكية.
وتسببت هذه الخطوة الأمريكية في عجز مالي كبير داخل منظمة الصحة العالمية، دفعها إلى الإعلان في 22 أبريل الماضي عن خطط لتقليص عملياتها الميدانية وتسريح عدد من الموظفين حول العالم.
المنظمة تتجه لتخفيضات أوسع
لم تقتصر أزمة التمويل على الولايات المتحدة، إذ اتخذت دول مانحة أخرى خطوات مماثلة لتقليص إنفاقها على المساعدات التنموية، ما زاد من حدة الضغط على ميزانية المنظمة المعنية بالصحة العالمية.
وبحسب مصادر مطلعة، تتضمن خطة الإصلاح الجديدة تقليص عدد الأقسام التابعة للمنظمة بأكثر من النصف، وإعادة النظر في برامج المساعدات، ضمن محاولات لتكييف الهيكل الإداري مع الوضع المالي الجديد.
مستقبل العمل الصحي الدولي على المحك
يرى مراقبون أن تقليص القيادة العليا في مقر المنظمة يعكس حجم الأزمة التي تمر بها الوكالة الأممية، ويثير تساؤلات بشأن قدرتها على مواصلة دورها الحيوي في مواجهة الأوبئة ودعم النظم الصحية الضعيفة، خاصة في ظل استمرار الأزمات الصحية في مناطق النزاع والكوارث الإنسانية.
ويؤكد مسؤولون داخل المنظمة أن عملية إعادة الهيكلة الحالية تأتي للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الكفاءة التشغيلية، دون المساس بجوهر المهام الأساسية، في انتظار استعادة جزء من التمويل الدولي المفقود.
تقليص القيادة.. انعكاس لأزمة ثقة بين المنظمة وبعض المانحين
يرى خبراء في الشأن الدولي أن خطوة تقليص فريق القيادة في منظمة الصحة العالمية لا تعكس فقط أزمة تمويل، بل أيضًا أزمة ثقة متزايدة بين المنظمة وبعض كبار المانحين، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة. وقد سبق لإدارة الرئيس ترامب أن وجهت انتقادات حادة لأداء المنظمة خلال جائحة "كوفيد-19"، واتهمتها بـ"التحيّز للصين"، ما مهّد لقرار الانسحاب ووقف التمويل.
وتخشى المنظمة من أن تؤدي هذه التوترات السياسية إلى تآكل استقلاليتها، وتحولها من هيئة صحية أممية إلى ساحة تجاذب بين القوى الكبرى، ما قد يؤثر على فاعلية تدخلاتها، خاصة في البلدان النامية.