"أسوان تتزين".. زوجان فنانان يحولان العمارات السكنية إلى لوحات فنية

المحتويات
في قلب مدينة أسوان النابض بالحياة، وفي مشهد فني استثنائي يمزج بين الجمال والبساطة، أُعيدت صياغة أربعة مبانٍ سكنية لتصبح لوحات فنية عملاقة تحكي قصصًا من التراث المصري الأصيل. المشروع الذي نفّذه الفنانان التشكيليان مها جميل وعلي عبد الفتاح، لم يكن مجرد مبادرة فنية، بل رسالة حضارية هدفها إعادة ربط الناس بجذورهم الثقافية من خلال الفن البصري.
تزيين شوارع أسوان
مها وعلي وفق الحساب الرسمي لسيدات مصر على تطبيق فيسبوك، هما زوجان فنانان يجمع بينهما الشغف المشترك بفن الجداريات، ولديهما خبرة تتجاوز 15 عامًا في هذا المجال. خلال مسيرتهما، حصل الثنائي على عدة جوائز وتكريمات، أبرزها جائزة الدولة التشجيعية في الفنون لعام 2024، تقديرًا لجهودهما في إثراء المشهد الفني المصري. لم تقتصر مبادراتهما على التجميل البصري فحسب، بل شملت أيضًا ورشًا ومبادرات تعليمية تهدف لتدريب المبتدئين على تطوير أساليبهم الفنية واكتشاف هوياتهم الخاصة.

ويأتي مشروعهم الأخير في أسوان كأحد أبرز أعمالهم، حيث تم تزيين واجهات أربع عمارات في أحد أحياء المدينة، وكل جدارية تحمل قصة مستقلة، مستوحاة من التراث والتاريخ والهوية المصرية.

العمارة الأولى تحمل صورة رجل مسن، بملامح تنطق بالحكمة والوقار، يرتدي الجلابية والعِمّة، وكأنّه حارس للتراث والعادات الأصيلة. وتحت صورته، يظهر جزء من معبد أبو سمبل، في إشارة إلى الترابط بين الإنسان والمكان، وبين الشخصية والتاريخ.

العمارة الثانية تحتفي بالمرأة النوبية والصعيدية، من خلال فتاة ترتدي ملابس بيضاء بسيطة وتتحلى بحُليّ تقليدية. ابتسامتها تشعّ بالأمل والفرح، وتحاكي الخلفية رسمًا للبيوت النوبية القديمة، بجانب عناصر معمارية حديثة، ما يخلق توازنًا بصريًا بين الماضي والحاضر.
العمارة الثالثة تمثل تحية خاصة لعمال السد العالي وشباب أسوان. اللوحة تصور وجوهًا تعكس التعب والفخر، بروح وطنية صادقة، وتبرز من خلالها قوة الانتماء والتفاني في العمل والبناء.

أما العمارة الرابعة فهي بعنوان "رمز النيل"، وقد رُسمت على خزان مياه أثري يعود إلى عهد الملك فاروق. اللوحة عبارة عن بانوراما بصرية تعرض تأثير النيل في مجالات الزراعة والتعليم والصناعة، وتروي في تناغم بصري جميل رحلة النهر من منبعه حتى مصبه، وعلاقته العميقة بالحضارة المصرية.
هذا المشروع الفني لا يُعد فقط تجميلًا لجدران صامتة، بل إحياءً لروح المدينة، وتذكيرًا يوميًا لسكانها وزوارها بأن الفن يمكنه أن يُخلّد الهوية، ويحوّل الحياة اليومية إلى تجربة جمالية وثقافية لا تُنسى.