طارق حجي: بريطانيا زرعت جذور الصراع بين الهند وباكستان

أكد المفكر طارق حجي، أن جذور الصراع بين الهند وباكستان تعود إلى القرارات الاستعمارية البريطانية، والتي أدت إلى تقسيم شبه القارة الهندية إلى عدة دول، بدلًا من الإبقاء على وحدة قوية تحت اسم "الهند".
وأوضح "حجي"، في حواره مع المحامي الدولي والإعلامي خالد أبو بكر خلال برنامج «آخر النهار»، أن المندوب السامي البريطاني لعب دورًا محوريًا في تأسيس كل من باكستان وبنجلاديش، ما أدى إلى تفتيت الكيان الهندي الكبير، وزرع بذور الانقسام والصراع الدائم بين المكونات الدينية والثقافية المختلفة.
النزاع الهندي الباكستاني
علق حجي على التوترات الأخيرة بين الهند وباكستان قائلًا: "لم أتفاجأ باندلاع النزاع، لكنني سعيد بأنه لم يتطور إلى دمار شامل"، مشيرًا إلى أن البشرية لا يمكنها تحمّل حرب واسعة النطاق بين قوتين نوويتين مثل الهند وباكستان.
وأضاف: "في حال خسر أحد الطرفين في أي مواجهة تقليدية، فإن اللجوء إلى السلاح النووي سيبقى احتمالًا واردًا ومخيفًا، وهذا ما يجعل الصراع بين الدولتين تهديدًا مستمرًا للأمن الإقليمي والعالمي".
كراهية تاريخية
وشدد حجي على أن الذرائع المطروحة للصراع بين الهند وباكستان، سواء كانت دينية أو سياسية، ليست إلا قشورًا تخفي السبب الحقيقي، وهو ما أسماه بـ"مخزون الكراهية التاريخية" بين شعبي البلدين.
وقال: "للأسف، لم يتم تسليط الضوء بشكل كافٍ على هذا العداء العاطفي المتأصل في الثقافة الشعبية، وفي المناهج، وفي الإعلام"، محذرًا من أن وقف إطلاق النار الحالي بين الجانبين قد لا يكون مستدامًا، لأن جذور الأزمة لا تزال قائمة ولم تُعالَج حتى الآن.
تعامل سطحي
وأعرب المفكر عن أسفه لأن المجتمع الدولي يتعامل مع مثل هذه النزاعات بشكل سطحي، عبر إبرام اتفاقات هدنة مؤقتة، دون الانخراط في معالجة الأسباب العميقة، مشيرًا إلى أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يُبنى على تسويات هشة في ظل بيئة مشحونة بالكراهية وانعدام الثقة.
وأضاف: "العالم بحاجة إلى نهج شامل يقوم على التثقيف والتفاهم والمصالحة المجتمعية، وليس مجرد صفقات سياسية سريعة، لأن التجاهل المستمر لجذور الأزمات سيفتح الباب أمام موجات عنف جديدة قد تكون أكثر فتكًا من سابقاتها".

النموذج المصري
وفي المقابل، نوّه طارق حجي إلى أن الوضع في مصر يقدم نموذجًا مختلفًا، إذ استطاع الشعب المصري وجيشه الحفاظ على تماسك الدولة رغم التحديات الطائفية والإقليمية، مشددًا على أن الهوية الوطنية الجامعة هي الضامن الحقيقي للاستقرار في أي دولة، وليست القوة العسكرية فقط.
واختتم قائلاً: "الانقسام والعداء المزمن لا يُعالج بالسلاح بل ببناء ثقافة قبول الآخر والتعايش السلمي، وهذا هو التحدي الأكبر في العلاقات بين الهند وباكستان، إن أرادتا مستقبلًا آمنًا لأجيالهما القادمة".