خبراء: أزمة الدواء مستمرة رغم التحسن النسبي.. وتوطين الصناعة هو الحل

رغم التحسن النسبي في توفر بعض الأصناف الدوائية، لا تزال أزمة الدواء في مصر تراوح مكانها، وسط تباين بين نقص بعض الأدوية الاستراتيجية، وسحب منتجات أخرى بسبب الغش أو عدم المطابقة، ما يُثير مخاوف الشارع الطبي والمواطنين على حد سواء.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرفة التجارية، أن نقص الأدوية والغش الدوائي وسحب بعض الأصناف "ظواهر عالمية" لا تنتهي، قائلاً: "السحب الدوائي أمر روتيني يندرج تحت تعليمات منظمة الصحة العالمية، ويُنفّذ في كل دول العالم".
نظام معقّد وتحديات تهدد الشركات
وفي تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أشار "عوف" إلى أن الرقابة والتفتيش في مصر أفضل من كثير من الدول، لكن الأزمة الحقيقية تكمن في صعوبة استمرار الشركات الصغيرة والمتوسطة في ظل نظام تسجيل معقّد ومكلف ينهك موارد الشركات، مؤكدًا: "السوق لن يحتمله سوى الكبار، مما ينذر بمخاطر الاحتكار وضغوط رفع الأسعار".
أزمة مكوّنات وليست مجرد وفرة
من جانبها، أكدت النائبة إيرين سعيد، عضو مجلس النواب، لـ "نيوز رووم" أن الأزمة الدوائية تحسنت عن الفترة السابقة، لكنها لا تزال قائمة بسبب الاعتماد الكبير على المكونات المستوردة، خصوصًا المواد الفعالة، في ظل أزمة العملة الصعبة والاحتقان الإقليمي الناتج عن الحروب وتأثيرها على سلاسل التوريد العالمية.
توطين الصناعة وتكامل الاستراتيجية
وشددت "سعيد" على أن إنهاء الأزمة لن يتحقق إلا من خلال توطين حقيقي لصناعة الدواء والمكونات الخام، بما يشمل المادة الفعالة، والبلاستيك، والجيلاتين، والتغليف، والزجاج، مع ضرورة وضع استراتيجية وطنية متكاملة تشارك فيها وزارة الصناعة، وزارة الصحة، وهيئة الدواء المصرية، داعية إلى جذب الاستثمار لضمان وفرة الأدوية المصنعة محليًا في السوق المصري.
وبحسب ما وثقته منشورات هيئة الدواء المصرية المنشورة رسميًا. ورغم أن إجمالي عدد المنشورات لم يزد كثيرًا مقارنة بنفس الفترة من عام 2024، إلا أن اللافت هو ازدياد عدد الأدوية الاستراتيجية التي خضعت للسحب نتيجة الغش أو التصنيع غير المطابق للمواصفات.
غش وسحب لأدوية القلب والجلطات والمضادات الحيوية
خلال الفترة من يناير إلى مايو 2025، أعلنت الهيئة عن 11 منشور سحب رسمي و18 منشورًا لحالات غش دوائي، تضمنت عددًا من الأدوية الحيوية المستخدمة على نطاق واسع لعلاج أمراض خطيرة.
من بين أبرز الأدوية التي تم سحبها:
Spectone 25 mg لعلاج أمراض القلب – منشور رقم 11
Flumox 1000 mg أحد أشهر المضادات الحيوية – منشور رقم 13
Vastasiero 20 mg لعلاج الجلطات – منشور رقم 15
Duphaston لتثبيت الحمل لدى السيدات – منشور رقم 18
Conventin 400 mg لعلاج التهابات الأعصاب لدى مرضى السكري – منشور رقم 19
انتشار الأدوية المقلدة في السوق
تشير منشورات الهيئة إلى انتشار واسع لعبوات مقلدة من أدوية استراتيجية تُستخدم لعلاج أمراض القلب، التهابات الأعصاب، المضادات الحيوية، وأدوية الغدة الدرقية والتصلب المتعدد، ما ينذر بمخاطر صحية جسيمة، خاصة أن كثيرًا من هذه الأدوية تُستخدم يوميًا من قِبل عدد كبير من المرضى.
أخطاء تصنيع وتدوير أدوية منتهية
وفي تصريحات خاصة لموقع "نيوز رووم"، كشف الدكتور حاتم البدوي، أمين عام شعبة الصيدليات باتحاد الغرف التجارية، أن بعض شركات الأدوية قامت بسحب تشغيلات دوائية نتيجة اكتشاف أخطاء في التصنيع ووجود عينات غير مطابقة.
وأوضح البدوي أن غش الأدوية ليس ظاهرة محلية فقط بل عالمية، مضيفًا أن الشعبة حذرت من هذه الممارسات منذ أكثر من 6 سنوات، موضحًا أن تراكم الأدوية منتهية الصلاحية داخل السوق ساهم في هذه الكارثة.
وأشار إلى أن بعض الجهات غير القانونية تعيد تدوير وتصنيع الأدوية المنتهية الصلاحية وإعادة طرحها في الأسواق، مشيدًا بقرار هيئة الدواء رقم 47 الذي يهدف إلى "غسيل السوق" من الأدوية المنتهية وإزالتها بشكل جذري.