عاجل

مولد الغريب.. تظاهرة روحانية وشعبية بذكرى تاريخية في السويس

جانب من الاحتفالات
جانب من الاحتفالات بمولد الغريب

انطلقت فعاليات مولد الغريب، من قلب مدينة السويس، وتحديدًا عند مسجد عبد الله الغريب، بحي السويس، والذي يتجدد كل عام، ويعد من  أعرق وأقدم الموالد الشعبية في السويس وفي  مصر.

مناسبة تاريخية

ومولد عبد الله الغريب، يُعد مناسبة روحية واجتماعية وتراثية استثنائية تمتد جذورها لأكثر من مئة عام. انطلق المولد هذا العام اليوم الاثنين، ويشهد مشاركة واسعة من أكثر من 8 طرق صوفية، تأتي إلى المدينة برفقة آلاف الأتباع من مختلف محافظات الجمهورية، في مشهد مليء بالألوان والابتهالات والروحانية.

مظاهر الاحتفال

وتمركزت الخيام والسرادقات بمحيط مسجد الغريب بمنطقة الغريب التابعة  لحي السويس، منها الذي أعد من أجل الاطعام والأخر تم تجهيزه وإعداده من أجل الاحتفال بمولد عبد الله الغريب، حيث لا يعد مجرد طقس ديني؛ بل هو أيضًا تظاهرة شعبية وثقافية تبرز الكرم السويسي الأصيل. وتمتلئ الساحات المحيطة بالمسجد بالزوار وأهالي المدينة، الذين يحرصون على تقديم الطعام والمشروبات والحلويات مجانًا. 

بداية المولد

ويبدأ المولد عادة بإقامة حلقات الذكر والمديح، وأحيا أول الليالي، المداح أحمد حجازي. وتستمر  حلقات ذكر وابتهالات دينية تقودها الطرق الصوفية المشاركة، حتي الليلة الكبيرة أو الختامية. وتتحول الساحة إلى مسرح مفتوح للإنشاد الديني والمديح النبوي، وسط أجواء تملؤها الروحانيات ويعلو فيها صوت التسبيح والدعاء.

سيرة ومسيرة

وصاحب المولد، هو القائد المغربي، أبو يوسف بن محمد بن يعقوب بن إبراهيم بن عماد، والمعروف بـ"الغريب". وقد اشتهر بالتقوى والزهد، وكان من رجال الفتوحات في القرن العاشر الميلادي. ارتبط اسمه بمدينة السويس حين كلّفه مؤسس الدولة الفاطمية، عبد المهدي، بقيادة حملة عسكرية للتصدي لهجمات القرامطة الذين هاجموا الحجاج المصريين في طريقهم إلى الأراضي المقدسة.

وقاد "الغريب" الحملة من القاهرة، مرورًا ببلبيس، وصولًا إلى منطقة القلزم في السويس، حيث دارت معركة حاسمة انتهت باستشهاده ليلة الجمعة، 17 من ذي القعدة عام 320 هـ، الموافق لعام 936 ميلادية. وقد دُفن في ذات المكان الذي يحمل اسمه اليوم، ليصبح مزارًا ومقامًا يرتاده الزوار طلبًا للبركة والتبرك بسيرته.

ملتقى شعبي

ورغم مرور العقود والقرون، ما زال مولد عبد الله الغريب محتفظًا بزخمه وأهميته. فهو ليس فقط ذكرى لاستشهاد بطل صوفي ومحارب شجاع، بل يمثل أيضًا لحظة سنوية لإحياء التراث الروحي والإنساني للسويس، وملتقى شعبيًا للصوفية في مصر.

ولعل ما يجعل هذا المولد مميزًا عن غيره من الموالد، هو المزج الفريد بين الطابع الديني والاجتماعي، بين البُعد التاريخي والاحتفال الحي، وبين الماضي والحاضر، في مشهد يؤكد أن الذاكرة الشعبية في مصر لا تزال حيّة تنبض بالتاريخ والإيمان.

تم نسخ الرابط