ترميم تدريجي للعلاقات ومؤشرات لعودة السفارات
باحث لـ«نيوز رووم»: تقارب مصري إيراني يمهد لعودة العلاقات الدبلوماسية

في مشهد يحمل دلالات سياسية لافتة، أبدى الجانب الإيراني رغبة واضحة في إعادة بناء الجسور مع القاهرة، بعد سنوات من الجمود في العلاقات الرسمية بين البلدين. وجاءت مشاركة وزير السياحة الإيراني رضا صالحي اميري في قمة مجموعة (D-8) التي استضافتها مصر، وما رافقها من لقاءات رفيعة، لتؤشر على مرحلة جديدة قد تحمل تحولات استراتيجية في علاقات البلدين.
وبحسب ما نقله وزير السياحة الإيراني خلال اجتماع الحكومة بطهران، فإن اللقاء الذي جمع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مع الرئيس عبد الفتاح السيسي قوبل بترحيب مصري رسمي وشعبي، في خطوة وصفتها مصادر دبلوماسية بأنها "إيجابية وتاريخية"، ويمكن البناء عليها لتعزيز التعاون الثنائي.
تبادل دبلوماسي وسياحي في الأفق
وأشار الوزير الإيراني إلى أن القاهرة أبدت اهتمامًا بإعادة فتح السفارات في كلا البلدين، وبتشجيع التبادل السياحي والثقافي، وهو ما يعكس توجّهًا مشتركًا نحو تخفيف التوترات وتوسيع دوائر المصالح. وتأتي هذه التصريحات في ظل مساعٍ إقليمية لتفعيل دبلوماسية التوازن، لا سيما في الملفات المرتبطة بالأمن البحري، والطاقة، والتجارة العابرة للقارات.

مؤشرات انفراجة في العلاقات مع القاهرة
زيارة الوفد الإيراني إلى مصر ومشاركة وزير السياحة في قمة مجموعة (D-8) تمثلان خطوة رمزية تعكس رغبة الطرفين في تجاوز مرحلة الجمود. وتشير تقارير دبلوماسية إلى وجود محادثات غير معلنة بين الجانبين، برعاية أطراف إقليمية، لتهيئة الأرضية لإعادة العلاقات الدبلوماسية، بما يتضمن فتح السفارات وتنسيق المواقف في القضايا الإقليمية، لا سيما تلك المرتبطة بالأمن في الخليج والبحر الأحمر.
خيري: ترميم العلاقات يمهد لعودة التمثيل الدبلوماسي الكامل
ومن جانبه، قال محمد خيري، الباحث في الشؤون الإيرانية، إن مصر تتعامل باهتمام واضح مع المؤشرات الصادرة عن طهران بشأن استعادة العلاقات بين البلدين، مؤكداً أن الفترة الأخيرة شهدت تفاعلاً مصرياً محسوبًا على عدة مستويات، تجلّى أبرزها في المشاركة البروتوكولية اللافتة للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان في قمة مجموعة الدول الثماني النامية (D-8)، التي استضافتها العاصمة الإدارية الجديدة في ديسمبر الماضي.

وأشار خيري، في تصريحات خاصة لـ«نيوز رووم»، إلى أن الصورة التي جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسي مع نظيريه الإيراني والتركي خلال القمة، عكست مستوى غير مسبوق من التقارب، ورسالة بروتوكولية مفادها أن القاهرة منفتحة على تحسين علاقاتها مع كل من طهران وأنقرة، في إطار سياسة خارجية متوازنة.
اهتمام مصري بالمفاوضات الإيرانية – الأمريكية
وأضاف الباحث أن القاهرة تتابع عن كثب مجريات المفاوضات غير المباشرة الجارية بين إيران والولايات المتحدة، والتي تلعب سلطنة عمان دور الوساطة الرئيسي فيها، لافتًا إلى أن وزير الخارجية المصري، الدكتور بدر عبد العاطي، أجرى سلسلة من الاتصالات في هذا الصدد، كان آخرها اليوم، مع نظيريه الإيراني والعُماني، لمتابعة آخر مستجدات الملف النووي.
وأوضح خيري أن هذا التحرك يأتي في سياق حرص القاهرة على دعم أي مسار يُسهم في خفض التوتر بين طهران وواشنطن، بما يعزز مناخ الاستقرار الإقليمي، خاصة أن الشرق الأوسط شهد لعقود سلسلة من الأزمات المرتبطة بهذا التوتر، ما انعكس على أمن الملاحة والطاقة والاقتصاد الإقليمي.
ترميم تدريجي للعلاقات.. ومؤشرات لعودة السفارات
وفيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، أشار خيري إلى أن الدولة المصرية تعمل حاليًا على معالجة عدد من الملفات العالقة التي أعاقت سابقًا ترفيع مستوى العلاقات مع إيران، بما في ذلك الملفات الاستراتيجية المرتبطة بالتوازنات الإقليمية والأمن القومي العربي.
وأكد أن هناك توجّهًا مصريًا واضحًا نحو "ترميم تدريجي" للعلاقات مع طهران، قد يُفضي في حال تهيئة الظروف المناسبة إلى رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين البلدين وفتح السفارات، بما يخدم المصالح المشتركة ويمنح القاهرة موطئ تأثير أوسع في قضايا الأمن الإقليمي.