نهلة الصعيدي: الأزهر الشريف ضمير الأمة وصوت الشعوب في وجه الظلم والطغيان

قالت الدكتورة نهلة الصعيدي مستشار شيخ الأزهر لشئون الوافدين، لقد تعاقب على الأزهر عبر تاريخه رجالٌ من طراز نادر، تخرجوا في رحابه، وسافروا إلى آفاق الأرض دعاةً، ومعلمين، وقضاةً، ومربين، ومصلحين، لا يعرفهم الإعلام، ولكن تعرفهم السماء، ويشهد لهم التاريخ، وإن كلية العلوم الإسلامية والعربية للطلاب الوافدين ليست سوى ثمرةٍ مباركة من شجرة الأزهر الثابتِ أصلُها في الأرض، المُعانقِ فرعُها للسماء.
الأزهر وصناعة المصلحين
وأكدت خلال كلمتها بالمؤتمر الدولي الأول الذي تنظمه كلية العلوم الإسلامية والعربية للطلاب الوافدين تحت عنوان: «الأزهر وصناعة المصلحين»، أن الأزهر الشريف لم يكن يومًا مؤسسة تعليمية فقط، بل كان ضمير الأمة، ونبض الشارع، وصوت الشعوب في وجه الظلم والطغيان، وحين يُذكَر الأزهر الشريف لا يُذكَر مجردُ جامعٍ عريق أو جامعة عتيقة، بل يُذكَر تاريخٌ ممتدٌ متسعٌ بالعطاء، يُذكَر قلبُ الإسلامِ النابضُ بالعلم، وعقلُ الأمة الواعي بالحكمة، ولسانُها الذي لم ينقطع عن النطق بالحق منذ أكثر من ألف عام.

وأشارت مستشار شيخ الأزهر أن بناء الإنسان هو غاية الرسالات، وإن صناعة الإنسان المصلح هي ذروة السَّنام في رسالة الأزهر الشريف، ولقد آمن الأزهر منذ نشأته بأن أعظم الثروات التي تُبنى بها الأمم وتنهض بها الحضارات هي الإنسانُ الواعي، المتعلِّم، العامل، العادل، المصلح؛ فالإنسان إن صَلَحَ صَلَحَت به المجتمعات، وإن فسد فسد به كل بناء.
صناعة الإنسان المصلح جوهر رسالة الأزهر وذروة عطائه
وأوضحت أن صناعة الإنسان المصلح في الأزهر تمر بعدة مراحل مترابطة أُولاها: العلم المُؤسِّس وثانيتُها: التهذيب السلوكي والتزكية التربوية أما ثالثتها فهي: الانخراط الإصلاحي في المجتمع، ومن هنا، خرَّج الأزهر عبر تاريخه مصلحين غيَّروا مجرى التاريخ في بلادهم، بدءًا من الإمام الفقيه والسياسي، إلى الطبيب الداعية، إلى المعلّم القدوة، إلى المفكر الذي يزرع في العقول بذور الفهم الصحيح.

واختتمت الدكتورة نهلة كلمتها بأن المؤتمر هو افتتاحٌ لمسار علمي وفكري متجدد ومستمر؛ إذ هو نَواةٌ لمشروع ممتد، ومبادرة إصلاحية متكاملة، تنبض بالحياة في كلية العلوم الإسلامية والعربية للطلاب الوافدين، وسوف تكون نُسَخُه المتتاليةُ في كل عام تحت العنوان نفسه: «الأزهر وصناعة المصلحين»، وبين العام والعام نعقد الملتقيات، ونُفرد لكل شخصية من الشخصيات التي تم تناولها في المؤتمر ملتقًى خاصًّا، نتناول سيرتها بالتفصيل والتحليل والمناقشة، وأن المؤتمر بداية لمسيرة علمية متصلة، عبر لقاءات وملتقيات ودورات، تحتضنها الكلية لتبقى منارةً مفتوحة لأبناء الأزهر الوافدين من أنحاء العالم، أولئك الذين يمثلون صوت الأزهر في الأرض، وسفراءه في الإصلاح والخير حيثما حلُّوا.