إسرائيل تواصل التوغل في القرى الحدودية بعد انهيار النظام السوري
سوريون يحرقون مساعدات إسرائيلية وقواعد عسكرية في الجنوب تثير مخاوف من البقاء

أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الإثنين، بأن سكان قرية "العشة" الواقعة جنوب محافظة القنيطرة، أقدموا على إحراق مساعدات غذائية ومواد أخرى وضعتها القوات الإسرائيلية أمام منازلهم، وذلك عقب انسحاب هذه القوات من المنطقة.
ونقل المرصد عن عدد من السكان أن خطوة الحرق جاءت كرسالة رفض قاطعة لمحاولات إسرائيل فرض أمر واقع جديد في جنوب سوريا، عبر ما وصفوه بـ"استغلال الحاجة الإنسانية لأهداف سياسية وعسكرية".
"هدايا الاحتلال" تلقى مصيرًا واحدًا
ودأبت القوات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة على دخول عدد من قرى الجنوب السوري بشكل متكرر، مستغلة حالة الفراغ الأمني في أعقاب تفكك مؤسسات النظام، حيث تقوم بترك مساعدات غذائية ومستلزمات معيشية أمام منازل مختارة، في محاولة لاستمالة الأهالي أو بناء نوع من الحضور الميداني "غير المباشر"، إلا أن هذه الخطوة، وفق المرصد، تقابل غالبًا بالرفض الشعبي، وتنتهي غالبًا بإتلاف تلك المواد علنًا.
انتشار عسكري إسرائيلي في الجنوب
ويشير التقرير إلى أن القوات الإسرائيلية قامت، منذ سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في تلك المناطق، بتوسيع عملياتها العسكرية في ريف القنيطرة، واقتحمت عددًا من القرى، وسط اشتباكات متفرقة مع السكان المحليين. وقد أسست ما لا يقل عن عشر قواعد ونقاط عسكرية في مناطق الجنوب، في مؤشر واضح على نوايا بقاء طويلة الأمد، وفق مراقبين.
بين الفراغ الأمني والتدخل الخارجي
ويرى محللون أن الجنوب السوري بات ساحة مفتوحة أمام تدخلات خارجية متشابكة، خاصة مع تراجع قدرة الجيش السوري على فرض سيطرته، وتنامي أدوار قوات غير حكومية وميليشيات محلية. وتثير التحركات الإسرائيلية، لا سيما ذات الطابع الميداني داخل القرى، مخاوف من تحول الجنوب السوري إلى منطقة نفوذ دائم، في ظل غياب أي تسوية سياسية شاملة تضمن وحدة الأراضي السورية.
رسائل سياسية خلف "المساعدات"
تعد الخطوة الإسرائيلية بوضع مساعدات أمام منازل الأهالي لا تقتصر على بعدها الإنساني المعلن، بل تُعد جزءًا من استراتيجية "الحضور غير المباشر" التي تسعى تل أبيب من خلالها إلى كسب موطئ قدم داخل بيئة اجتماعية كانت تقليديًا معادية لها. وتُفسر هذه الخطوة بأنها محاولة لاختبار ردود فعل السكان المحليين وبناء شبكات علاقات مجتمعية، يمكن الاستفادة منها مستقبلاً في تكريس النفوذ الإسرائيلي جنوب سوريا.