عاجل

رحلة إلى مكة بقلوبٍ صغيرة أطفال مسجد حراء بالوليدية يعيشون مناسك الحج على الما

خلال الشرح
خلال الشرح

نظّمت مديرية أوقاف أسيوط درسًا عمليًا مميزًا وفريدًا من نوعه، هدفه تقريب شعائر الحج للأطفال بأسلوب مبسط وتفاعلي، يزرع في قلوبهم محبة البيت الحرام، ويُرسخ معاني الطاعة والامتثال لأوامر الله عز وجل.

في أجواء روحانية عامرة بالإيمان، وعلى مجسم للكعبة المشرفة، وقف الدكتور أسامة عوض عبد الله – إمام وخطيب مسجد حراء بأسيوط – يشرح للأطفال بطريقة شيقة كيف يؤدي المسلمون شعائر الحج، تلك الفريضة التي تجمع المسلمين من شتى بقاع الأرض على قلب رجل واحد.

بدأ الدكتور أسامة حديثه للأطفال بشرح معنى "الإحرام"، تلك اللحظة الفارقة التي يُقبل فيها الحاج على ربه بقلبٍ خالص، ونيةٍ صادقة، معلنًا التجرّد من الدنيا وملذّاتها، متفرغًا للعبادة والطاعة.

وأمام أعين الأطفال ، قدّم لهم نماذج حقيقية مبسطة لملابس الإحرام الخاصة بالرجال الرداء والإزار الأبيضين  ليروا بأنفسهم كيف يتخلّى المسلم عن كل مظاهر الترف والمكانة، ليقف إلى جوار أخيه المسلم على قدم المساواة. 
كما بيّن للأطفال كيف تلبس المرأة المسلمة لباسًا محتشمًا لا يُظهر الزينة، ويحافظ على وقارها، مع التأكيد على الفروق في اللباس بين الجنسين، بما يُعزز الفهم والتمييز الصحيح دون تعقيد.

ثم اصطحبهم بخيالهم نحو أرض الحرمين، حيث الكعبة المشرفة، فقام بشرح الطواف حولها، وكيف يبدأ الحاج من الحجر الأسود، ويُتم سبعة أشواط يُردد خلالها الأدعية والتهليل والتكبير، موقنًا أن الله يسمع دعاءه ويرى خطواته. وبعدها تحدث عن السعي بين الصفا والمروة، مستشهدًا بقصة السيدة هاجر رضي الله عنها، التي سعت بين الجبلين بحثًا عن الماء لرضيعها إسماعيل عليه السلام، ليتعلم الأطفال معنى الإيمان والثقة بالله، واليقين في رحمته.

كما شرح للأطفال ببساطة المشاهد العظيمة في يوم عرفة، حيث يجتمع الحجاج على صعيد واحد، متوجهين إلى الله بالدعاء والتضرع، ثم تحدّث عن رمي الجمرات، وذبح الهدي، والحلق أو التقصير، وانتهاء المناسك بطواف الوداع. حرص الدكتور أسامة على أن يجعل كل ركن من أركان الحج قصة قائمة بذاتها، تحمل في طياتها درسًا وعبرة، تُنمي القيم الأخلاقية، وتُشعل الحماسة في نفوس الأطفال لحب هذه الشعيرة العظيمة.

كان الأطفال متفاعلين للغاية، وقد ظهرت علامات الدهشة والانبهار على وجوههم، خاصة حين لمسوا بأيديهم المجسمات، وتحركوا حولها كما لو أنهم في الحرم المكي فعليًا، يرددون "لبيك اللهم لبيك" بقلوب صافية وألسنة ناطقة بحب الله ورسوله.

لقد تحوّل الدرس إلى رحلة تعليمية تربوية متكاملة، امتزج فيها العلم بالإيمان، والتجربة بالمعلومة، والفرح بالروحانية، في مشهد قلّما يتكرر.

وقد أثنى أولياء الأمور على هذه المبادرة المباركة التي قدّمت لأبنائهم فرصة ثمينة لفهم أركان الحج بعيدًا عن الأساليب التقليدية، وفي بيئة آمنة ومفعمة بالحيوية. كما عبّر الأطفال عن سعادتهم البالغة، وقال أحدهم مبتسمًا: "أنا دلوقتي عرفت يعني إيه حج.. ولما أكبر هسافر أعمله"، في تعبير صادق عن الأثر العميق الذي تركه هذا اللقاء في نفوسهم.

وتأتي هذه الجهود المباركة في إطار حرص وزارة الأوقاف على غرس القيم الدينية والروحية في نفوس النشء، وتقديم شعائر الإسلام في صورة محببة وميسّرة، تنمّي الوعي، وتبني الإيمان، وتصنع جيلاً جديدًا يعرف دينه ويفتخر به، ويمضي في الحياة على نور من الله.

وبذلك تكون مديرية أوقاف أسيوط قد قدّمت أنموذجًا رائدًا في التربية الإيمانية للأطفال، يؤكد أن بناء العقيدة لا يكون فقط في الكتب والمحاضرات، بل في المواقف الحيّة، والمشاهد الواقعية، التي تفتح نوافذ الفهم في عقول الصغار، وتغرس بذور الطاعة في قلوبهم، ليشبّوا على حب الله ورسوله، ويكونوا لبنات صالحة في صرح الوطن.

تم نسخ الرابط