حريفة فوق الـ 60.. ملوك كرة القدم في السويس يرفعون شعار "هنلعب مع الخسران"

في زمنٍ باتت الرياضة تُربَط فيه بالشباب فقط، تبرز مجموعة استثنائية من الرجال الذين كسروا هذه القاعدة، ونسجوا قصة ملهمة عنوانها: "العمر ليس عائقاً أمام الشغف"، هؤلاء هم "ملوك اللعبة"، وهم أكثر من مجرد فريق يجتمع أسبوعياً؛ إنهم نموذج حي لروح لا تشيخ، وعزيمة لا تنكسر.
تتكوّن المجموعة من خمسةٍ وثلاثين لاعباً، يبلغ متوسط أعمارهم خمسة وخمسين عاماً، وبعضهم تجاوز الخامسة والستين ولا يزال يركض، يراوغ، ويسدد وكأن الزمان لم يمسّ عزيمتهم. منذ أكثر من خمسةٍ وعشرين عاماً، اجتمع هؤلاء الأصدقاء حول كرة القدم، في بداية عفوية تحولت مع الوقت إلى تقليد راسخ لا يغيب عنه أحد، أصبح يوم السبت بالنسبة لهم يوماً مقدساً، لا يُؤجَّل فيه اللقاء، ولا تُنسى فيه الكرة.
الملعب بالنسبة لهؤلاء ليس مجرد مساحة لعب، بل هو مسرح حياة، يُترجمون فيه طاقاتهم، ويجددون به حيويتهم. كل مباراة تشهد أداءً حماسياً، ومهارات كروية لافتة، وروحاً قتالية يفتقدها كثير من الشباب لا مجاملة داخل المستطيل الأخضر، ولا مكان للكسل أو التراخي، فكل واحد منهم يلعب وكأن كأس العالم على المحك.
ورغم التباين في المهن والخلفيات، إلا أن ما يجمعهم أقوى من كل الاختلافات: حب اللعبة، وروح الجماعة، والضحكة الصادقة بعد كل تمريرة ناجحة أو هدف مفاجئ بعضهم جلب أبناءه لينضموا إليهم، غير أن "الكبار" ما زالوا أصحاب الكلمة، يضربون المثل في اللياقة والمهارة والالتزام. ترى أحدهم وقد جاوز الخامسة والستين يراوغ شاباً عشرينياً، ثم يضحك قائلاً: "تعلم يا بني كيف تُلعب الكرة".
في قلب هذه المنظومة المتماسكة، يقف رجل واحد يُعدُّ روح الفريق ومنسقه العام. هو المؤسس، الحكم الدائم، ومدير كرة القدم، الذي لا يدخر جهداً في تنظيم المباريات، جمع الاشتراكات، حجز الملعب، وتقسيم الفرق لم يتخلف يوماً عن لقاء، ولا سمح للفوضى أن تدخل هذا الصرح الرياضي الصغير.
ما يميز "ملوك اللعبة" ليس مهاراتهم فقط، بل رسالتهم التي يُجسدونها كل أسبوع، أن العمر لا يقف عائقاً أمام الأحلام، وأن الشغف لا يشيخ لقد جعلوا من كرة القدم أكثر من هواية، بل أسلوب حياة، ومدرسة في الالتزام، ومرآة تعكس قوة الروح رغم مرور السنين.
في زمن تتبدّل فيه الأولويات وتفتر فيه الهمم، يبقى هؤلاء الرجال مثالاً يُحتذى، يُؤكّدون أن الرياضة ليست حكراً على فئة عمرية، بل هي لغة مشتركة لكل من يحمل في قلبه شغفاً حقيقياً. وما زالوا، بعد ربع قرن، يثبتون ذلك كل سبت... وسيظلون ملوكاً للعبة ما دام في القلب نبض.