ما الأفضل: ترديد الأذان فى وقته أم بعد انتهائه؟.. رأي دار الإفتاء

يتساءل العديد من المسلمين عن مشروعية تنظيم وقت الصلاة من خلال تحديد مدة زمنية ثابتة بين الأذان والإقامة، في خطوة تهدف إلى تنسيق أداء العبادات ومراعاة ظروف المصلين في المساجد، خاصة في المدن الكبرى، وفي هذا السياق، ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية من أحد المتابعين جاء فيه: "هل يجوز وضع وقت محدد لكل صلاة بين الأذان والإقامة؛ كأن يجعل بين أذان وإقامة الفجر 30 دقيقة، والظهر والعصر والعشاء 20 دقيقة، والمغرب 10 دقائق؟".
وأجابت دار الإفتاء، بشكل واضح وصريح في فتوى نُشرت على موقعها الرسمي، مؤكدة أنه لا حرج شرعًا في تحديد وقت معين بين الأذان والإقامة، مشيرة إلى أن الأصل في هذا الأمر يعود إلى الجهات المسؤولة عن تنظيم شؤون المساجد مثل وزارة الأوقاف، وذلك من باب تحقيق المصلحة العامة وتنظيم أمور العبادة بما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية.
تنظيم الوقت بين الأذان والإقامة
أوضحت دار الإفتاء، أن الإسلام دين يراعي التنظيم والترتيب، ولا مانع شرعي من تحديد وقت زمني بين الأذان والإقامة بما يُيسر على الناس أداء الصلاة جماعة، بل إن تنظيم الوقت بهذا الشكل يُساعد في الاستعداد للصلاة، والوضوء، وإنهاء الأعمال الضرورية للمصلين، خاصة في أوقات الذروة كصلاة الظهر في وقت العمل، أو صلاة الفجر حين يكون الاستيقاظ أصعب.
وفي تصريحات مشابهة من علماء الأزهر، أُشير إلى أن المساجد الكبرى تعتمد هذا النظام منذ سنوات طويلة، حيث تحدد إدارة المسجد الوقت المناسب بين الأذان والإقامة وفق ما يتماشى مع طبيعة كل صلاة وظروف الحاضرين، كما أن هذا التنظيم يُراعى فيه أن لا تُؤخر الصلاة عن وقتها، وهو ما أكده أيضًا الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء، في فتاوى سابقة.
الفرق بين الفرض والسنة.. ومتى تبدأ الإقامة؟
أشار علماء الفقه، إلى أن الفارق بين الأذان والإقامة لا يتعارض مع أداء الصلاة في وقتها، خاصة أن الإقامة لا تعني بداية الوقت، بل هي إعلان للبدء في أداء الصلاة جماعة بعد الأذان، فلو أن الإمام أو مسؤولي المسجد رأوا أن من المناسب الانتظار 10 أو 20 دقيقة بعد الأذان، فلا مانع من ذلك شرعًا.
وأكد الفقهاء، على أهمية مراعاة حال المصلين، فقد يكون منهم كبار السن أو أصحاب أعذار يحتاجون لبعض الوقت بعد الأذان، وبالتالي فإن تحديد وقت مسبق للإقامة يُعد من الأمور التنظيمية التي تحقق مقاصد الشريعة في التيسير.
حكم ترديد الأذان بعد انتهائه.. هل يفوت الأجر؟
وفي سياق آخر متصل بالأذان، ورد سؤال إلى الدكتور نظير عياد، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، عن حكم ترديد الأذان بعد انتهائه، حيث قال أحد المواطنين "أحيانًا أفوت ترديد الأذان خلف المؤذن، فهل يجوز أن أردده بعد انتهائه؟".
وأجاب الدكتور نظير عبر موقع دار الإفتاء، مؤكدًا أن الأصل أن يردد المسلم الأذان خلف المؤذن أثناء الأذان طلبًا للأجر والثواب، وهو ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في عدة أحاديث، منها قوله: "إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول".
واضاف نظير، أنه إذا فات المسلم ترديد الأذان في وقته، فلا بأس أن يقوله مباشرة بعد انتهاء المؤذن، طالما أن الوقت قريب ولم يطل الفصل، أما إذا طال الوقت، فالأفضل أن يُشغل نفسه بذكر آخر كالدعاء أو الصلاة على النبي، ولا يُعاد الأذان حينها لأنه خرج عن وقته.
ماذا يُقال عند الحيعلتين؟
ومن المسائل المهمة التي أوضحتها الفتوى، أنه عند سماع "حي على الصلاة" و"حي على الفلاح" لا يُقال مثل المؤذن، بل يُستحب أن يُقال "لا حول ولا قوة إلا بالله"، وذلك اتباعًا للسنة النبوية، ويُستحب أيضًا بعد انتهاء الأذان أن يُردد المسلم دعاء الوسيلة الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة... حلت له شفاعتي يوم القيامة".
فقه الواقع وأحكام الدين
تعكس هذه الفتاوى فهمًا عميقًا لفقه الواقع الذي يعيشه المسلمون في العصر الحديث، حيث أصبح التنظيم ضرورة في المساجد الكبرى، ولا سيما مع الزحام أو اختلاف الأعمار والظروف الصحية، كما أن الإسلام دين يسر وليس عسرًا، ولا يفرض على الناس الالتزام الحرفي بما يُشوش عليهم أو يُعسر أمر العبادة.
وقد شددت دار الإفتاء دائمًا على أن العبادات يجب أن تكون وسيلة للسكينة والطمأنينة، وليس مدعاة للارتباك أو النزاع، مؤكدة أن مثل هذه الأحكام تهدف لتيسير أداء الصلاة بشكل منظم يحفظ روح العبادة ويحقق الراحة للجميع.