في أزمة صحية.. "صنع الله ابراهيم" الراوي الذي كتب مصر بعيون النساء

المحتويات
في زاوية هادئة، يجلس صنع الله إبراهيم كمن يُصغي إلى الماضي، لا ليسترجعه، بل ليعيد كتابته، أوراقه ليست مجرد صفحات، بل خرائط اجتماعية، فيها بطلٌ أو بطلة يسير إلى عمق المدينة، ويواجه سؤالًا ما زال معلقًا: ماذا يعني أن تكون مصريًا؟
صنع الله إبراهيم لم يكن يكتب بطلاً خارقًا، بل كان يصغي إلى نبض الناس "العاديين" ولعل النساء هنّ أكثر من حملن صوته،وفي تلك الأونة يمر الكاتب الروائي الذي بلغ من العمر 88 عام بأزمة صحية يجلس أثرها في معهد ناصر ، لديه كسر في الحوض ، ولكن من هو صنع الله إبراهيم ؟

"ذات".. امرأة تعبر عن مصر
"ذات" ليست فقط اسمًا لرواية، بل اسم لمرحلة، مرحلة ممتدة من الستينيات حتى التسعينيات، عاشت فيها البطلة تقلبات البلد، من نكسة إلى انفتاح اقتصادي، من إذاعة صوت العرب إلى الفضائيات.
بطلتها موظفة أرشيف بسيطة، لا تملك أي رفاهية، لكنها تحاول التعايش ويعرض الحياة المصرية في كل تفصيلة: في زيادات الأسعار، في تغير الموضة، في التكوين الاجتماعي للأسر.
"ذات" ليست رواية سياسية، بل رواية عن أن تكون امرأة عادية في زمن يتغير أسرع من قدرة القلب على الفهم.
"وردة".. حين تختار الأنثى أن تكون بندقية
في "وردة"، يأخذنا صنع الله إبراهيم بعيدًا عن القاهرة إلى جبال ظفار في عُمان، وهناك، نجد "وردة"، فتاة عُمانية قررت أن تحيا بثمن، لا أن تعيش بلا معنى.
تركت عائلتها، التحقت بالثوار، وعاشت حياة قاسية، كانت وردة أنثى لا تقف خلف الرجل، بل تقف في الصف ذاته، تحلم وتقاتل وتكتب تاريخها بوعيها.
الرواية ليست فقط عن امرأة، بل عن حُلم عربي قديم، نقي.
"اللجنة".. أسئلة بلا إجابة
الرجل في "اللجنة" يسير إلى مصيره، ليُسأل عن كل شيء، لكنه لا يحصل على أي شيء، رواية أشبه بمحاكمة رمزية، تنتقد السلطة المعنوية، والمجتمع الذي يغلف العبث بالجدية.
رغم أن البطل هنا رجل، فإن حضور المرأة لا يغيب عن الحكاية: تظهر كرمز، كغواية، كمعلومة، كصورة على الحائط أو كنقطة تحوّل، المرأة في أدب صنع الله ليست مجرد شخصية، بل أحيانًا مفتاح الفهم.
"أمريكانلي".. الوجه الآخر للحلم الأمريكي
في هذه الرواية، يسافر البطل إلى أمريكا بمنحة جامعية، وهناك يبدأ باكتشاف ما وراء "الديمقراطية المثالية"، يقابل نساءً من ثقافات متعددة، بينهن من يشبهن "وردة" في تمردها، أو "ذات" في قلقها، أو "مها" في ترددها.
النساء هنا يمثلن ملامح متعددة للعالم الجديد، والكاتب يترك لبطل روايته حرية الانبهار والشك في آنٍ واحد.
"شرف".. من داخل المجتمع إلى قلب القضايا الصامتة
"شرف" ليست فقط اسم بطل الرواية، بل قضية مجتمع، رواية عن الطبقات، عن القهر، عن ذكورة مريضة، عن واقع لا يرحم الطيبين.
النساء فيها لسن محور القصة، لكن حضورهن كاشفٌ، حاد، من خلالهن يرى القارئ كم هي العلاقات مشوهة في بيئة لا تعترف بالحب إلا حين يُختنق.
المرأة في أدبه: شريكة السرد لا زينته
في كل روايات صنع الله إبراهيم ، المرأة ليست زينة النص، كما هو المعتاد، هي جزء من بنية الحكاية، تشارك في طرح السؤال، لا تكون فقط موضوعًا له، نساؤه لا يصرخن، لكن وجودهن يدوّي في كل سطر.
حكاءٌ لا يمل من تكرار الحكاية
صنع الله إبراهيم ليس مجرد كاتب روايات، بل مهندس للوعي، بنا رواياته مثل من يبني عمارة شاهقة من الطوب الحقيقي، لا من الجبس المزخرف.
وكل بطلة كتبها، كانت طوبة في هذا البناء، صلبة، موجعة، ولكنها واقعية.