حزب المحافظين يطالب بإصدار قانون موحد لمكافحة العنف ضد المرأة| مائدة مستديرة

نظم حزب المحافظين، مائدة مستديرة تحت عنوان "عبء الإثبات الواقع على النساء في قضايا التحرش"، بحضور عدد من المحامين والحقوقيين والصحفيين ومؤسسات المجتمع المدني.
وافتتح اللقاء السيد حبيب السنان، رئيس المجلس التنفيذي لحزب المحافظين، بكلمة ترحيبية أكد فيها أهمية تسليط الضوء على التحديات التي تواجهها النساء في قضايا التحرش، خاصة فيما يتعلق بإثبات الواقعة أمام جهات التحقيق، مشددًا على ضرورة العمل من أجل تعديل التشريعات الحالية بما يكفل للنساء بيئة آمنة وداعمة.
المنظومة العدلية تستهين بالعنف ضد النساء
من جانبها لفتت عزيزة الطويل، الحقوقية والمحامية، إلى أن "نظام العدالة في مصر يتهاون في قضايا العنف ضد المرأة"، مشيرة إلى أن "بلاغات التحرش لا تقدم لوكيل النيابة بل لموظف الاستيفاء"، علاوة على أن كثيرًا من هذه القضايا إما يتم حفظها أو تنتهي بالتراضي بعد الضغط على المجني عليها.
وفي هذا السياق، ذكرت الطويل أن قضية الطفل ياسين تأخرت إجراءات التقاضي فيها، مؤكدة أن ما جرى يُشير إلى وجود ميل لطمس الجريمة، مشيرة إلى أنه "لم يتم محاسبة التأخير في التحريات".
وحذرت الطويل من خطورة طول فترة التقاضي، لافتة إلى أن "القضايا قد تستغرق 3 سنوات ويكون الجاني مطلق السراح".
النظرة المجتمعية ما زالت تؤثر على العدالة
من جانبه ذكر محمد تركي، المحامي ووكيل الهيئة التشريعية بحزب المحافظين، أنه "لا يزال عدد من ضباط الشرطة يتبنون نفس الرؤية المجتمعية الخاطئة بأن مظهر المرأة وملابسها قد يكون له دور في وقوع حوادث التحرش، وهو ما يؤثر سلبًا على مسار العدالة".
وطالب تركي أن "تخضع قضايا العنف ضد النساء لإجراءات خاصة ومختلفة عن غيرها من القضايا، مع تخصيص أقسام وضباط متخصصين في جرائم العنف." كما دعا إلى "إصدار قانون موحد للعنف، وتغيير فلسفة أعضاء النيابة والشرطة والقضاء تجاه هذه القضايا لضمان عدالة حقيقية وشاملة."
التقاضي البطيء عائق أساسي للناجيات
وقالت نسمة الخطيب، المحامية ومؤسسة مبادرة "سند"، خلال مشاركتها في المائدة المستديرة، إن "إطالة إجراءات التقاضي تُعد أحد أهم العوائق التي تواجه الناجيات من وقائع التحرش".
وأشارت الخطيب إلى أن المعاناة لا تقتصر على الجوانب القانونية فقط، بل يمتد الضرر ليشمل الجانب النفسي بشكل عميق، ما قد يدفع كثيرات للتراجع عن استكمال البلاغ أو الصمت منذ البداية.
عبء الإثبات مضاعف في قضايا العنف
وقال عبد الرازق مصطفى، المحامي والحقوقي، إن "عبء الإثبات في قضايا العنف ضد المرأة أصعب من باقي القضايا"، مشيراً إلى أن أكثر من 80% من السيدات لا تبلغ عن الواقعة خوفاً من الوصم المجتمعي.
وأوضح مصطفى أن هناك "فجوة بين النساء ومنظومة العدالة" في هذه القضايا، مطالباً بضرورة "وجود طبيب نفسي مع الضحية المبلغة"، لتخطي الآثار النفسية الناتجة عن العنف.

العنف الأسري في الريف لا يزال مقلقًا
وأكدت منار عبد العزيز، الباحثة في مؤسسة المرأة الجديدة، أن "مستوى العنف الأسري في المحافظات الريفية لا يزال مرتفعًا بشكل مقلق، ويرتبط ذلك بمنظومة ثقافية تكرّس تقديسًا لفكرة 'الحرمة' و'العرض'، مما يجعل من الصعب مساءلة العنف أو حتى الاعتراف به."
وحول تغليظ العقوبة لمنع ظاهرة التحرش، أوضحت عبد العزيز أن "تغليظ العقوبات مهم، لكنه ليس الحل وحده". وتابعت: "الدولة حين تفكر في سياسات تُعنى بمصلحة النساء، فإنها لا تستشير النساء أنفسهن، ولا تضع تجاربهن في صميم عملية صنع القرار."
واختتمت حديثها: "لا أحد يستطيع أن يتحدث نيابة عن النساء أو عن المجموعات المهمّشة، لكن ما هو مؤكد أن هذه المجموعات قادرة على التحدث عن نفسها".
الإعلام كشف التحرش.. والعدالة يجب أن تتحرك
من جانبها أوضحت إنجي سامي، الصحفية والحقوقية، أن "حالات الاغتصاب لم ترتفع في مصر خلال الفترة الأخيرة، لكنها عُرفت وانتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، مشيرة إلى أن تغطية الإعلام لعبت دورًا كبيرًا في فضح هذه الوقائع التي كانت تحدث في الخفاء.
وأكدت سامي أن نحو 90% من النساء اللاتي يتعرضن للتحرش لا يبدأن أصلًا في اتخاذ إجراءات الإبلاغ، بسبب غياب الوعي القانوني لدى نسبة كبيرة من المحامين أنفسهم بأهمية الوقوف مع الضحية والدفاع عن حقها دون تهاون، حيث يتراجع البعض عن الاستمرار في القضايا بزعم "الخوف على الضحية من تعقيد الإجراءات"، أو "تجنب إطالة التقاضي"، أو تحت مبرر أن "القضية ستُحفظ في النهاية".
وأضافت إنجي سامي، أن المنظومة القضائية بأكملها بحاجة إلى تدريب مستمر ورفع الوعي المهني، لضمان تعامل إنساني ومهني مع الضحايا، وتجنب إعادة إنتاج العنف بشكل غير مباشر داخل قاعات التحقيق والمحاكم. وشددت على أن العدالة لا تتحقق فقط بالقانون، بل بكيفية تطبيقه، وفهم أبعاد الألم النفسي والاجتماعي الذي تمر به الضحية.
المائدة تخرج بتوصيات هامة لدعم النساء
وشهدت المائدة تفاعلًا واسعًا من الحضور، وطرحت العديد من التوصيات التي تهدف إلى تعزيز حماية المرأة وتشجيعها على الإبلاغ دون خوف من الوصم أو التشكيك، وعلى رأسها الدعوة لإصدار قانون موحد لمكافحة العنف ضد المرأة، يراعي الأبعاد النفسية والاجتماعية والقانونية التي تتعامل معها الناجيات من هذه الجرائم.