منزلٌ بلا أهل وشجرة «الدنيا الجديدة» آخر الشهود
مشروع لتحويله إلى متحف.. هل يعود بيت فيروز ليغني من جديد؟| صور

يقف منزل السيدة فيروز في منطقة زقاق البلاط، وسط بيروت، كهيكل ساكن يروي فصولاً من ذاكرة الغناء اللبناني.
المنزل، الذي نشأت فيه إحدى أعظم أيقونات الفن العربي، تحيطه الآن الأعشاب البرية وتتسلّقه شجرة «أكي دنيا»، وكأنها آخر ما تبقّى من حياة في هذا المكان المتروك.
إذا كانت «أكي دنيا» تعني «العالم الجديد»، فوجودها في ساحة بيت فيروز المهجور لم يكن مجرد مصادفة، فبينما تحاول بيروت استعادة شيء من نبضها، يبدو هذا البيت وكأنه في انتظار بعث جديد، أو وداع أخير.

وعود متكررة.. وتحول مرتقب
في فبراير 2025، أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية مشروعًا لتحويل المنزل إلى متحف بالتعاون مع المؤسسة الوطنية للتراث. ورغم أن الفكرة ليست بجديدة، بل طُرحت مرارًا في السنوات الماضية دون أن تُنفذ، إلا أن الإعلان الأخير أعاد الأمل بإحياء هذا الإرث المعماري والفني.

يتضمن المشروع شراء الأرض المحيطة بالمبنى، ثم ترميمه قبل افتتاحه، غير أن توقيت التنفيذ يظل مرهونًا بتوفير تمويل خارجي لم يُفصح عنه حتى الآن.

المنزل ذاته، ذو الطراز العثماني اللبناني، يتكوّن من ثلاثة طوابق، سكنت فيروز في الأرضي منها قبل زواجها، لينتقل أهلها لاحقًا إلى الطوابق العليا. لكن منذ الحرب الأهلية اللبنانية، بقي المنزل في عزلة، تتآكله الطبيعة وتغلفه الوحدة.
لكن المنزل المهجور اليوم لا يحمل سوى آثار غياب، غرف فارغة، طلاء مقشّر، وأثاث متهالك، ونوافذه مشرّعة على زمنٍ مضى، تنتظر زائرًا لا يأتي.

فيروز.. وبيت آخر
رغم القيمة الرمزية لهذا المنزل، يتساءل كثيرون: لماذا لم تبادر السيدة فيروز إلى ترميم بيت طفولتها بنفسها؟ الإجابة لا تخرج عن الاحتمالين: إما أن هذا البيت لم يعد يعني لها الكثير بعد كل ما مضى، أو أن التحول في حياتها جعلها تسكن روحًا وذاكرة في منزل آخر.

سؤال أخير
هل يحتاج هذا البيت المهجور إلى العودة بصاحبته، حتى يُعاد إليه الاعتبار؟ أم أن بيروت، وهي تبحث عن رموز تبعث الأمل، تختار أن تعيد الروح إلى المكان كمن يعيد شريطًا غنائيًا لفيروز في صباحٍ خريفي؟ يبقى السؤال مفتوحًا: هل نُعيد بيتًا لصاحبته، أم نُعيده لأنفسنا؟.
