زيادة أسعار الوقود تدفع التضخم في مصر إلى الارتفاع مجددًا .. وخبراء يحذرون

أثارت الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود في مصر، موجة من القلق داخل الأوساط الاقتصادية، لما لها من تأثير مباشر على معدلات التضخم، وارتفاع أسعار السلع والخدمات، في وقت يعاني فيه المواطنون من ضغوط معيشية متزايدة.
وأكد خبراء اقتصاد أن هذه الزيادة ستُشكل تحديًا كبيرًا أمام صانع القرار، نظرًا لما تسببه من موجات تضخمية قد تُعيد الاقتصاد المصري إلى مسار صعب، خاصة بعد فترة من التراجع النسبي في معدل التضخم خلال الشهور الماضية.
الزيادة في أسعار الوقود ستُضعف القوة الشرائية وتآكل دخل المواطن
قال د. أحمد جمال الدين، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع أسعار الوقود يؤدي بشكل مباشر إلى زيادة تكاليف النقل والإنتاج، ما ينعكس على أسعار السلع الغذائية والمنتجات الأساسية، مشيرًا إلى أن قطاعات الأغذية والمشروبات، والنقل، والصناعة، ستكون الأكثر تضررًا.
وأضاف "الوقود يدخل في كل شيء تقريبًا، من نقل البضائع إلى تشغيل المصانع، وبالتالي فإن أي زيادة فيه تترجم مباشرة إلى ارتفاع في الأسعار، وهذا يضع ضغطًا هائلًا على المواطن، خصوصًا الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل".
وأوضح جمال الدين، أن هذا التأثير لا يقف عند التضخم فقط، بل يمتد إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين، وتقليص حجم الاستهلاك، ما يؤثر سلبًا على النشاط الاقتصادي ومعدلات النمو.
وشدد على أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى خطة طوارئ اقتصادية تشمل توسيع مظلة الحماية الاجتماعية، ودعم وسائل النقل العام، وزيادة الرقابة على الأسواق، لمنع استغلال الزيادة كمبرر غير مبرر لرفع الأسعار.
رفع أسعار الوقود يُعمّق عجز الموازنة ويهدد استقرار السوق المحلي
من جانبه، قال د. سيد الكيلاني، الخبير في السياسات المالية والاقتصادية، إن زيادة أسعار الوقود تمثل سلاحًا ذا حدين، فهي تُخفف عبء دعم الطاقة على الموازنة العامة من جهة، لكنها تُضاعف من التكاليف الاجتماعية والاقتصادية من جهة أخرى.
وأشار الكيلاني إلى أن أحد أخطر تداعيات هذه الزيادة يتمثل في ارتفاع عجز الموازنة نتيجة زيادة الإنفاق الحكومي لتعويض الأثر الاجتماعي، سواء من خلال دعم مباشر أو برامج اجتماعية، خاصة في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية عالميًا.
وأضاف "أن زيادة أسعار الوقود تعني أيضًا زيادة تكلفة الخدمات الحكومية، مثل النقل العام والكهرباء، ما يتطلب إعادة تسعير هذه الخدمات
أوزيادة مخصصات الدعم، وفي الحالتين تتأثر الموازنة".
وحذر من أن هذه الزيادة قد تؤدي إلى تراجع ثقة المستثمرين والمستهلكين، ما يؤثر على استقرار السوق، مشيرًا إلى أن الحل يكمن في تبني سياسات طويلة الأمد تعتمد على تنويع مصادر الطاقة، وزيادة كفاءة الإنفاق، وتقليل الاعتماد على المنتجات البترولية في الصناعة والنقل.
ويرى الخبراء أن إدارة تداعيات زيادة أسعار الوقود تتطلب توازناً دقيقاً بين الإصلاح الاقتصادي وحماية الفئات الأكثر هشاشة، مع ضرورة التحرك السريع لتفادي أي تأثيرات ممتدة على التضخم، الاستهلاك، والاستثمار، بما يحافظ على استقرار السوق المحلي وثقة المواطنين.