خالد الجندي: «الابتلاء» نعمة عظيمة إذا صاحبه الصبر والاحتساب

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الابتلاء رغم قسوته قد يكون مفتاحًا للخير والرضا الإلهي إذا واجهه الإنسان بالصبر والاحتساب، واستثمره في التقرب إلى الله، مشيرًا إلى أن البلاء ليس بالضرورة عقوبة، بل قد يكون نعمة في صورة اختبار.

وخلال حلقة برنامجه "لعلهم يفقهون" المذاع على قناة "DMC"، أوضح الجندي أن العبد إذا أحسن التعامل مع البلاء، فإنه يفتح له أبواب الثواب والمغفرة، قائلاً:" الابتلاء باب من أبواب الخير، إذا أحسن العبد استغلاله، قد يكون سببًا في دخول الجنة."

الابتلاء باب للخير 

واستشهد الجندي بآيات من سورة الضحى لتوضيح كيف يمكن للبلاء أن يتحول إلى نعمة، مستعرضًا ثلاثة أمثلة وردت في السورة، قائًلا: "الآية الأولى: 'ألم يجدك يتيما فآوى'، تُظهر كيف حظي النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالأمان والرعاية الإلهية بعد أن فقد والديه، فكان اليتم بداية لمسيرة عظيمة تحت رعاية الله ، وهذه رسالة لكل من فقد سندًا في حياته بأن الله لا يترك عباده."

إذا أحسن العبد استغلاله

وأضاف: "الآية الثانية: 'ووجدك ضالًا فهدى'، تدل على أن النبي، الذي لم يكن يقرأ أو يكتب، أصبح معلمًا ومصدر هداية للعالمين، مما يعكس أن الله قادر على تحويل الحيرة والضياع إلى بصيرة وهداية عظيمة."

وتابع الجندي: "أما الآية الثالثة: 'ووجدك عائلا فأغنى'، فتعني أن الغنى الحقيقي ليس بكثرة المال، وإنما بالاستغناء عن الناس والدنيا. الغنى غنى النفس، وهو أن لا تحتاج إلى شيء من غيرك، ولا تطمع فيما في يد الآخرين، وهذه رسالة مهمة في زمننا الذي يزداد فيه التعلق بالماديات والمظاهر."

دعوة للرضا والاستغناء 

وأشار الجندي إلى أن هذه المعاني الثلاثة تمثل دروسًا عميقة يحتاجها الإنسان المعاصر، حيث يغلب الاهتمام بالمظاهر وجمع المال على حساب القيم الروحية، مردفًا: "النبي صلى الله عليه وسلم قال: 'ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس'، وهذا يوضح أن السعادة الحقيقية لا تأتي من جمع المال، بل من القناعة والرضا بما قسمه الله."

وأكد الجندي أن الابتلاء إذا وقع على المؤمن، ينبغي أن يُنظر إليه كفرصة عظيمة للتقرب إلى الله، مشددًا: "الابتلاء ليس نهاية الطريق، بل هو بداية رحلة نحو الصبر، والاحتساب، والرضا، وهي مقامات عظيمة إذا بلغها العبد وجد في قلبه راحة وسلامًا لا يعدلهما شيء."

الرضا أعظم نعم الحياة

وختم الجندي حديثه بالتأكيد على أن الرضا هو أسمى نعمة قد ينالها الإنسان، قائلاً: "الرضا ليس مجرد قبول للقدر، بل هو شعور عميق بالسلام الداخلي، واستغناء عن الدنيا ومطالبها. على الإنسان أن يتذكر دائمًا أن البلاء قد يخفي وراءه نعمة عظيمة، وأن الإيمان والصبر هما المفتاحان للوصول إلى هذه النعمة."

ودعا الجندي في ختام حديثه إلى ترسيخ هذه المفاهيم في المجتمع، مؤكدًا أن العودة إلى القيم الروحية والرضا بالقضاء والقدر هما السبيل لمواجهة أعباء الحياة وتحقيق الطمأنينة النفسية.