ملتقى الديانات السماوية.. القصة الكاملة لمخاوف إخلاء دير سانت كاترين

أثيرت في السنوات والشهور الأخيرة بعض المخاوف حول مصير دير سانت كاترين، خاصةً مع بدء الحكومة المصرية تنفيذ مشروعات تطويرية في المنطقة إلا أن الرئيس عبد الفتاح السيسي والحكومة المصرية قد أكدوا مرارًا التزامهم بالحفاظ على قدسية الدير وعدم المساس به.

موقف الكنيسة من ملتقى الديانات السماوية والحكومة
وتحدثت مصادر كنسية عديدة بالدير لـ نيوز رووم أنها تثق في الحكومة المصرية وتطمينات الرئيس السيسي بعدم المساس بالدير كونه رمز تاريخي هام من الرموز التاريخية فى التاريخ المصري والقبطي.
بداية الشائعات حول سانت كاترين
وكان الجدل قد بدأ بعد نشر إحدى المواقع الإلكترونية تقريراً عن مقاضاة الحكومة المصرية لرئيس دير سانت كاترين أمام المحكمة في الدعوى رقم 24 لسنة 2015 بشأن طرد جميع من في الدير، وتسليمه وما عليه من مبانٍ للدولة المصرية، وذلك وفقاً للموقع، واعتبار هذه المباني تعويضاً عن استغلال المكان المدة الطويلة الماضية لأكثر من 15 قرناً من الزمان.
وبنى آخرون شكوكهم في نفي محافظة جنوب سيناء أي نية لإخلاء الدير، على إعلان الحكومة المصرية عن مشروع "التجلي الأعظم" في سيناء عام 2022، والمقرر تنفيذه على مساحة مليوني متر مربع، في المنطقة الواقعة بين جبل سانت كاترين وجبل موسي، ويستهدف تطوير الدير والمنطقة المحيطة به، وإنشاء مزار روحاني لوضع مدينة سانت كاترين على خريطة السياحة العالمية وجذب مليون سائح كل عام للمدينة الأثرية، بحسب تصريحات لمحافظ جنوب سيناء.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن وجود مخططات لإخلاء دير سانت كاترين تزامنًا مع تطوير المنطقة، الأمر الذي أدى إلى تخوف البعض من أن تؤثر مشروعات التطوير على القيمة التاريخية والدينية للدير، خاصةً مع إدراجه ضمن مواقع التراث العالمي.
نفى الشائعات
وأكدت محافظة جنوب سيناء والمركز الإعلامي لمجلس الوزراء أنه لا صحة لوجود أي مخططات لإخلاء الدير، وأنه مفتوح ويعمل بشكل طبيعي، مع استمرار جميع إدارته ومسؤوليه من القساوسة والرهبان في أداء أعمالهم دون وجود أي مخططات لإخلائه.
وأوضح الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوب سيناء، أن أعمال التطوير ستراعي عدم المساس بموقع الوادي المقدس، وكذلك الجزء الرئيسي من المحمية الطبيعية، والتأكيد على عدم إقامة أي مبانٍ بهذه المواقع، حفاظًا على قدسية وأثرية هذه المواقع.
مشروعات تطويرية تحترم التراث
وكانت الحكومة أوضحت أن أعمال التطوير تشمل ترميم مكتبة الدير، التي تُعد الثانية عالميًا بعد مكتبة الفاتيكان من حيث أهمية مخطوطاتها، وترميم بعض الكنائس داخل الدير، بالإضافة إلى تطوير منطقة وادي الدير بوضع نظام إضاءة مناسب وإزالة الأعمدة الكهربائية من باب السلسلة حتى مدخل الدير، وإنشاء بوابة أمن للحقائب والأفراد وغرفة مراقبة أمنية وكاميرات مراقبة بكافة أنحاء الدير.
تعاون مستمر مع إدارة الدير
ومن جانبها، أكدت محافظة جنوب سيناء وجود تواصل دائم واجتماعات متعددة تمت بين محافظ جنوب سيناء ومسؤولي الدير والسفير اليوناني، حيث تعكس هذه اللقاءات الحرص المشترك على استمرارية التعاون ودعم الجهود المبذولة لحماية التراث الثقافي والديني للدير.

قرار الرئيس السيسى نحو دير سانت كاترين
وأكد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، على احترام الدولة المصرية للتعدد والتنوع الموجود في النسيج الإنساني.
وأضاف الرئيس السيسي، خلال مؤتمر صحفى مع رئيس وزراء اليونان، ردا على ما أثير حول دير سانت كاترين: "موضوع دير سانت كاترين كان ممكن اكتفى بكلام دولة الرئيس.. لكن اسمحولي أقول خلال العشر سنين اللى فاتوا كنا بنأكد على نقاط محددة لدى الرأى العام في مصر وخارج مصر وهي احترام شديد جدا لتعدد والتنوع الموجود في النسيج الإنساني.
وتابع الرئيس: "هذا لم يكن طرح ولكن قمنا بممارسات تؤكد كده وانزعجت بشدة عندما تم تناول موضوع سانت كاترين وإن مصر قد تقوم بأى إجراء سلبي .. مش علشان مكانة الدير ولكن ده يتعارض مع ثوابت السياسة المصرية.
واصل الرئيس: لما حرق المتطرفين 65 كنسية في مصر قمنا بإعادة بناءهم مرة أخرى، ونقوم بانشاء دور عبادة للمسلمين والمسحيين في التجمعات الجديدة ، لو عندي مواطنيين يهود هعملهم معابد".
وشدد السيد الرئيس بقوله: العلاقة التاريخية وحجم المودة بين الشعب المصري واليوناني خفت وجالي قلق شديد إن الأمر يتم العبث بهذه المودة من خلال موضوع حساس زى ده، وده مش هيحصل، واى حد يسمع كلام تاني غير كده متصدقوش، التزام الدولة المصرية وأنا شخصيا، التعاقد بين دير سانت كاترين ده تعاقد أبدى لا يمكن أحد يمسه وأى حاجة مرتبطة بالدير مستعدين بكل المودة نعمله لأن ده أمر يحمل بين طياته وفاة قديسة منذ أكثر من 1500 سنة موجودة في مصر وأى حد بيزور مصر بنقولهم تعالوا شوفوا دير سانت كاترين لقديسة عظيمة كانت مؤمنة في وقت مكنش فيه ايمان..شعبنا في مصر واليونان شعب واحد يسمعوا مني ومحدش يسمع بكلام التواصل الاجتماعي".
القيمة التاريخية للدير
وبحسب موقعي وزارة السياحة والآثار المصرية، ومنظمة الأمم المتحدة للعلوم والفنون والثقافة (اليونسكو)، يقع دير القديسة كاترين في جنوب شبه جزيرة سيناء عند قدم جبل حورب المذكور في العهد القديم (سفح جبل سيناء)، حيث يُعتقد أن النبي موسى تلقى الوصايا العشر من الله، ويقدسه المسلمون أيضاً ويدعونه جبل موسى.
تأسس في القرن السادس الميلادي بأمر من الإمبراطور البيزنطي جستنيان الأول في الفترة ما بين 548 و565م وهو الدير المسيحي الأقدم الذي حافظ على وظيفته الأساسيّة.

يُعرف هذا الدير، الذي يضم مناطق ومعالم متنوعة، باسم دير القديسة كاترين، واسمه الفعلي هو "دير الله المقدس لجبل سيناء"، وبُني لإيواء الرهبان الذين كانوا يعيشون في شبه جزيرة سيناء منذ القرن الرابع الميلادي.
ويتربع دير سانت كاترين على سفح جبل سيناء الذي يرتفع عن سطح البحر 2285 متراً، ويحمل اسم القديسة كاترين التي "استشهدت" في أوائل القرن الرابع الميلادي، واكتشف الرهبان جسدها بالقرب من الجبل في القرن التاسع الميلادي.
وتعد منطقة دير سانت كاترين منطقة مقدّسة للديانات السماويّة الثلاث، اليهوديّة والمسيحيّة والإسلام؛ فمنطقة الجبل الأعظم في دير سانت كاترين تعد أحد المناطق المقدسة التي جمعت بين الديانات السماوية الثلاثة، لذلك يُطلق عليها "ملتقى الديانات السماوية الثلاثة".
يقصدها مؤمنون بالرسالات السماوية الثلاث بسبب تجلي الله فيها للنبي موسى؛ وما يجذب السياح من جميع أنحاء العالم أن الموقع يجمع بين التاريخ والدين، ويُعَد من أهم معالم السياحة الدينية في مصر.
ويتيح الموقع للزوار فرصة تسلق جبل موسى، الذي يُعد مكاناً ذا أهمية روحية عالية، حيث يُمكنهم مشاهدة شروق الشمس من فوق الجبل، وهي تجربة روحانية وجمالية فريدة، تشهد إقبالاً في فصل الشتاء.