قبل ساعات من الإضراب..المحامين تطالب بتدخل الدولة لحل أزمة رسوم التقاضي

يبدأ بعد ساعات من الآن الإضراب العام الذي دعت إليه نقابة المحامين في جميع محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية، وذلك في خطوة احتجاجية على ما أسمته النقابة "الرسوم غير القانونية" المفروضة على المتقاضين. هذه الأزمة التي أثارت جدلاً واسعاً بين المحامين والمواطنين، والذين يرون أن فرض تلك الرسوم يمثل عقبة أمام الوصول إلى العدالة.
خطوة تصعيدية
ويعد هذا الإضراب خطوة تصعيدية، بعد سلسلة من المناقشات والمطالبات بالحوار بين نقابة المحامين والسلطات المعنية، ورغم ذلك، فإن ردود الفعل لم تكن إيجابية حتى الآن، مما جعل المحامين يتخذون قرار الإضراب كآخر وسيلة للتعبير عن احتجاجهم.
عبء مادي
فيما يتعلق بالأزمة الحالية، قال المحامي عبد الجواد أحمد، عضو مجلس نقابة المحامين الأسبق، والخبير الحقوقي ، في تصريحات خاصة لـ"نيوز روم"، إن الرسوم التي تم فرضها لا تشكل "خدمة قانونية" للمواطنين، بل قيدًا غير مبرر على حقهم الدستوري في الوصول إلى العدالة، الرسوم القضائية تحت أي مسمى تعتبر تجاوزًا لدستور البلاد، الذي يضمن للمواطنين حق التقاضي دون قيود مالية.
أوضح عبد الجواد أن المحاماة يجب أن تكون جزءًا من عملية تقديم العدالة للمواطنين، مشيرًا إلى أن فرض تلك الرسوم يؤثر بشكل كبير على المتقاضين، لاسيما الطبقات الأقل دخلًا، ويجعل العدالة تقتصر فقط على القادرين على تحمل تلك التكاليف، بالإضافلة إلى أن زيادة الرسوم بنسبة تفوق الـ500% في بعض الحالات يجعل العدالة غير متاحة للجميع، وبالتالي فإن ذلك يشكل تهديدًا حقيقيًا لمبدأ المساواة أمام القانون.
مطالبات بتدخل الدولة
وأضاف عبد الجواد أحمد أن نقابة المحامين حاولت الاتصال بالسلطات المعنية وحثهم على حل الأزمة عبر قنوات الحوار، بما في ذلك التواصل مع وزارة العدل ورؤساء محاكم الاستئناف، ولكن تلك الجهود لم تؤت ثمارها حتى الآن، مشددا على أن هذه الأزمة تهدد استقرار النظام القضائي، وأنه لا يجب على الدولة أن تفرض أعباء إضافية على المواطنين في هذا الوقت الحساس، حيث يواجه البلد تحديات اقتصادية كبيرة.
وطالب عبد الجواد وزير العدل بتحمل المسؤولية والتدخل بشكل عاجل لحل الأزمة، مشيرا إلى أن محامي مصر هم شركاء أساسيون في ضمان تقديم العدالة، ومن غير المقبول أن يتم فرض رسوماً إضافية تحول دون تحقيق هذه العدالة، كما حذر من أن هذه الأزمة قد تضر بصورة النظام القضائي في مصر بشكل عام، وتشكل نقطة خلافية بين فئات المجتمع.
حق المواطن
من جهته، أكد الدكتور أبو بكر ضوة، أمين عام مجلس نقابة المحامين، في تصريحات له، إن نقابة المحامين لا تدافع عن مصالح مهنية فقط، بل عن حق المواطن في الوصول إلى العدالة، كما أن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي في ظل هذه الأزمة، ومن الواجب على الدولة أن تتحمل مسؤوليتها في ضمان حق التقاضي للمواطنين دون فرض أعباء مالية غير قانونية.
وأشار ضوة إلى أن النقابة قد اتخذت قرارًا بالإضراب العام يوم الخميس 8 مايو 2025، احتجاجًا على ما وصفه "بزيادة الرسوم بشكل غير قانوني"، مؤكدًا أن هذه الخطوة تأتي بعد محاولات عديدة للحوار مع الجهات المعنية، التي لم تفضِ إلى أي نتائج حتى اللحظة.
إجراءات تنظيمية
كما أعلن مجلس نقابة المحامين في بيان رسمي الإجراءات التنظيمية للإضراب العام، الذي يشمل توقف المحامين عن الحضور أمام جميع دوائر محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية. جاء في البيان أن الإضراب سيكون "إجراء رمزيًا احتجاجيًا" على فرض الرسوم التي وصفها البيان بـ"المخالفة للدستور والقانون".
وأوضح البيان أنه سيتم تشكيل فرق عمل من المحامين المقبولين للمرافعة أمام محكمة النقض ومحاكم الاستئناف لإثبات الإضراب في محاضر الجلسات، وتوثيق ذلك أمام النقابة العامة.
أفق المستقبل
تشير العديد من الآراء إلى أن الحلول الممكنة يجب أن تتضمن عودة النظر في تلك الرسوم على ضوء المبادئ القانونية والدستورية، ومن جانبه، شدد المحامي عبد الجواد على أن الدولة يجب أن تلتزم بتقديم خدمة القضاء بشكل مجاني أو برسوم قانونية معقولة فقط، دون تحميل المواطنين مزيدًا من الأعباء المالية التي قد تمنعهم من الحصول على حقهم في التقاضي.