البيت الأبيض يوجه سهام الاتهام مبكرًا
باول في مأزق مزدوج.. ضغوط سياسية من ترامب ومؤشرات ركود تلوح في الأفق

رغم أن رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول لن يعلن عن خفض وشيك في أسعار الفائدة خلال الاجتماع المرتقب الأربعاء، إلا أن الضغوط تتزايد عليه لاتخاذ خطوة كهذه قريبًا، في ظل تصاعد التوترات السياسية والمخاوف الاقتصادية. ويجد باول نفسه محاصرًا بين مطلب خفض الفائدة تجنبًا لتباطؤ اقتصادي محتمل، وبين الحفاظ على استقلالية المؤسسة النقدية بعيدًا عن التجاذبات السياسية.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم يتردد في تحميل باول مسبقًا مسؤولية أي تباطؤ اقتصادي محتمل، مغردًا على منصته "تروث سوشيال" بأنه "ما لم يخفض الخاسر الكبير أسعار الفائدة، فقد نشهد تباطؤًا كبيرًا". هذا النوع من التصريحات يضع الفيدرالي في موقف حرج: فقرار الخفض قد يُفهم على أنه رضوخ سياسي، في حين أن التريث قد يفاقم مؤشرات الركود.
مخاوف من تأخر الاستجابة
يحاول باول التمسك بنهج الحذر، مفضّلًا التريث حتى ظهور إشارات واضحة في سوق العمل قبل التحرك. إلا أن محللين اقتصاديين، من بينهم بريستون مووي من مؤسسة "إمبلوي أمريكا"، حذّروا من أن التأخر في اتخاذ القرار قد يحدّ من قدرة الفيدرالي على التأثير لاحقًا، مشيرين إلى أن مؤشرات مثل ارتفاع طلبات إعانات البطالة أو توقف الشركات عن التوظيف تستدعي الانتباه المبكر.
وفي الوقت نفسه، تظهر البيانات الشهرية حتى الآن تماسكا في سوق العمل، إلا أن بعض المحللين يرون أن هذا الاستقرار قد يكون مضللاً، بالنظر إلى أن كثيرًا من الشركات سارعت إلى استيراد احتياجاتها قبل بدء سريان الرسوم الجمركية، وهو ما يمنح الاقتصاد الأمريكي حماية مؤقتة ستتلاشى مع مرور الوقت.
الأسواق تراهن على خفض في يوليو
تتابع الأسواق المالية تطورات السياسة النقدية عن كثب، مع توقعات مرتفعة بخفض في أسعار الفائدة خلال يوليو، حسب أداة "فد ووتش" التابعة لمجموعة CME. وكانت التوقعات تشير سابقًا إلى خفض محتمل في يونيو، لكنها تراجعت إثر بيانات قوية لسوق العمل صدرت عن شهر أبريل.
في المقابل، يسعى مجلس الاحتياطي إلى الحفاظ على سياسة تواصل شفافة دون مباغتة الأسواق. ويقول المحلل ستيف بافليك من شركة "مايندسِت" إن المجلس يتجنب المفاجآت، سواء كانت باتجاه التيسير أو التشديد، ويفضّل "شراء الوقت" بانتظار معطيات أوضح.
ترامب يسعى لاحتكار الفضل
يبقى السيناريو الأكثر تعقيدًا أن باول سيُتهم بالانحياز أيا كان قراره. فإذا خفّض أسعار الفائدة، فسيتهمه خصومه بالاستسلام لإرادة البيت الأبيض، وإذا امتنع، فقد يُحمَّل مسؤولية الركود. وفي خضم ذلك، يحاول ترامب الإيحاء بأن أي خفض مقبل هو نتيجة لرؤيته الاقتصادية، متجاهلًا أن سياساته التجارية هي التي تدفع أصلاً نحو تباطؤ النمو.