بعد الموافقة على مشروع قانون.. من له حق إصدار الفتوى الشرعية؟

وافقت اللجنة الدينية بمجلس النواب، خلال اجتماعها اليوم الثلاثاء برئاسة الدكتور علي جمعة، بشكل نهائي على مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية، بعد مناقشات مكثفة شهدت توافقًا بين الأعضاء على أهمية ضبط الخطاب الديني وتوحيد المرجعية الشرعية في الدولة.
ويهدف مشروع القانون إلى الحد من الفتاوى العشوائية وغير المنضبطة التي تصدر من غير المتخصصين، من خلال وضع إطار قانوني ملزم يحدد الجهات المخولة بالإفتاء وشروط ممارسة هذه المهمة، بما يضمن الحفاظ على استقرار المجتمع والتصدي للتطرف الفكري.
مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية
أكدت اللجنة الدينية في مجلس النواب موافقتها على المادة 8 التي تنص على أنّه «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، ومع عدم الإخلال بقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018، يعاقب كل من يخالف حكم المادتين 3 و7 من القانون بالحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وحالة العود تضاعف العقوبة».
من جهته، صرّح الدكتور أسامة رسلان، المتحدث باسم وزارة الأوقاف، بأن موقف الوزارة من موافقة لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب على مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية يُعد طبيعيًا ومتسقًا تمامًا مع الإجراءات الدستورية والتشريعية المعمول بها في الدولة.
وأوضح رسلان خلال تصريحات متلفزة، أن مشروع القانون اتخذ مساره التشريعي السليم، بدءًا من اقتراحه من قبل الجهات المختصة، ثم مروره على الحكومة، وصولًا إلى إحالته إلى مجلس النواب لمناقشته، مشيرًا إلى أن وزارة الأوقاف، كونها جزءًا من الحكومة، كانت موافقتها ضمن الموافقة الحكومية الكاملة على المشروع، والذي أصبح حاليًا في يد السلطة التشريعية لاستكمال باقي الإجراءات.
ونفى وجود أي خلاف بين الوزارة وكل من مؤسسة الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، مؤكدًا أن التنسيق بين هذه المؤسسات مستمر، وأن تعدد وجهات النظر يُعد أمرًا إيجابيًا يعكس طبيعة العمل المؤسسي والتشريعي، مؤكدًا: "الخلاف في مثل هذه الأمور هو خلاف صحي، يعكس طبيعة العمل البشري، ويؤدي إلى نضج أكبر في صياغة القوانين"، مشددًا على أهمية الاستماع إلى آراء الأزهر ودار الإفتاء باعتبارهما مؤسستين وطنيتين تحظيان بكل التقدير والاحترام، ومشاركتهما في الحوار التشريعي ضروري لإنجاح القانون.
وأضاف رسلان أن مشروع القانون لا يُعد أمرًا مفاجئًا أو طارئًا، بل جاء استجابة لحاجة مجتمعية طال انتظارها، تستهدف تنظيم المشهد الديني والإفتائي في مصر، والحد من الفتاوى العشوائية وغير المنضبطة التي قد تصدر من غير المؤهلين أو المتأثرين بأفكار متطرفة. وتابع قائلاً: "المواطن المصري بطبيعته يلجأ إلى إمام المسجد أو الشيخ القريب منه لاستشارته في أمور الدين، وفي غياب تنظيم رسمي وواضح، قد يجد نفسه أمام جهات غير موثوقة فكريًا، وهو ما يسعى القانون لتفاديه من خلال ضبط عملية الإفتاء وتحديد الجهات المعنية بها رسميًا".
نص قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية
ينتظم مشروع القانون في (9) مواد بخلاف مادة النشر، وجاءت المادة (1) منه البيان نطاق سريان أحكام هذا القانون على الفتوى الشرعية والمختصين بها، مع تأكيد عدم سريان أحكامه على الإرشاد الديني الذي يهدف إلى التوجيه والتوعية بأحكام الشريعة الإسلامية والدعوة إلى التمسك بثوابت الدين بما يبين للمسلمين أمور دينهم، وكذلك تناقل الفتاوى الشرعية والدعوة أو إعداد الرسائل والدراسات والأبحاث العلمية في مجال الفتوى، وذلك تأكيدا للالتزام الدستوري بكفالة البحث العلمي المنصوص عليه في المادة (23) من الدستور، فباب الاجتهاد يظل مفتوحا في ضوء الضوابط الواردة في هذا المشروع.
وأقرت المادة (2) تعريف لبعض المصطلحات لتحديدها من الناحية الفنية والقانونية لخاصة وأن مخالفة الالتزامات الواردة بالمشروع يترتب عليه توقيع عقوبة جنائية، بينما تضمنت المادة (3) تحديد الجهات المنوط بها إصدار الفتوى الشرعية على أن يكون ذلك من هيئة كبار العلماء، ودار الإفتاء المصرية في حين يختص بالفتوى الشرعية الخاصة في الأزهر الشريف كل من هيئة كبار العلماء، ومجمع البحوث الإسلامية، أو دار الإفتاء المصرية، أو لجان الفتوى بوزارة الأوقاف المنشأة وفقا لأحكام المادة (4) من هذا القانون.
كما تضمنت المادة (4) تنظيم لجان الفتوى داخل وزارة الأوقاف والشروط العامة والجوهرية في من يرخص له بالفتوى الشرعية، مع الإحالة إلى اللائحة التنفيذية لهذا القانون في تحديد الشروط الشرعية الأخرى وكذا قواعد وإجراءات إصدار الترخيص.
ونظمت المادة (5) الفصل في التعارض بين الفتاوى الشرعية بأن جعلت لهيئة كبار العلماء الترجيح حال تعارض الفتاوى الشرعية الصادرة من الجهات المعنية بالفتوى
وأكدت المادة (6) من المشروع على أن ممارسة مهام الإرشاد الديني التي يباشرها الأئمة والوعاظ بالأزهر الشريف، والهيئات التي يشملها والمعنيين المتخصصين بوزارة الأوقاف، أو غيرهم من المصرح لهم قانونا بالإرشاد الديني وفقا لتعريفه الوارد بالقانون لا يعد من قبيل التعرض للفتوى الشرعية وبالتالي يخرج عن نطاق التجريم والعقوبات المنصوص عليها في هذا القانون
فيما تضمنت المادة (7) النص علي التزام المؤسسات والوسائل الصحفية والإعلامية والمواقع الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي عند نشر أو بث الفتاوى الشرعية أو استضافة أشخاص للإفتاء الشرعي أو تنظيم برامج للفتوى الشرعية بأن يكون ذلك من خلال الفئات المشار إليها في المادة (3) من هذا القانون.
وأفردت المادة (8) من المشروع عقوبة على مخالفة حكم المادتين (3) و (7) من هذا القانون، مع تأكيد عدم إخلال ذلك بقانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الصادر بالقانون رقم 180 لسنة 2018 م :الذي تضمن في المادة (29) منه النص على أنه لا يجوز توقيع عقوبة سالية للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، فيما عدا الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، وكذلك بيان ضوابط مسئولية المدير الفعلي للشخص الاعتباري المخالف، ومدى التزام الشخص الاعتباري التضامني عند الوفاء بالتعويضات حال الحكم بها.
كما تضمن المشروع حكما خاصا بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون خلال سنة أشهر من تاريخ العمل به، وذلك بقرار من فضيلة شيخ الأزهر.