مكمّلات الفطر.. دعم طبيعي متعدّد الفوائد أم موضة غذائية عابرة؟

الفطر، هذا الكائن الطبيعي الذي ينمو في أحضان التربة، لم يكن يوماً مجرد مكوّن يُضاف إلى الأطباق لإثرائها بالنكهة فقط، بل إنه يُعدّ كنزاً غذائياً غنيّاً بالعناصر المفيدة، وركيزة أساسية في الطب الشعبي والحديث على حد سواء.
إذ يحتوي على تركيبة مذهلة من الفيتامينات والمعادن والألياف والمركّبات المضادة للأكسدة التي تجعل منه حليفاً حقيقياً لصحة القلب، وداعماًه فاعلاً لجهاز المناعة، ومكوّناً يساعد في خفض مستويات الكوليسترول في الدم، وغيرها من المنافع.
ومع تزايد الاهتمام بأنماط الحياة الصحية والبحث عن بدائل طبيعية لدعم الجسم، باتت المكمّلات الغذائية المستخلصة من الفطر تكتسب زخماً لافتاً، مدفوعة بحملات تسويقية ضخمة تروّج لفوائدها المزعومة. وهنا يثور السؤال الجوهري: هل هذه المكمّلات حقاً مفيدة؟ وهل يمكن اعتبارها بديلاً آمناً عن تناول الفطر
اوضحت اختصاصية التغذية كريستال بشّي، الحاصلة على شهادة في التغذية الرياضية من الألعاب الأولمبية، والتي تعمل مستشارة لخدمات الطعام.
تناول مكمّلات الفطر ممكن، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك دون شروط أو رقابة، نظراً لعدة اعتبارات علمية وصحية.
الفطر الطبي... أنواعه المتعددة وفوائده الواسعة
تقول بشّي إن الفطر يعتبر من أكثر الكائنات تنوّعاً في الطبيعة، حيث يتوفر بأشكال وألوان وأحجام ونكهات متعددة، ولكل نوع منه خصائص فريدة تجعله مفيداً لصحة الإنسان.
وتتابع: "الفطر يُعدّ مصدراً غنيّاً بالبروتينات، الألياف الغذائية، الفيتامينات (مثل D وB)، والمعادن مثل الكالسيوم، النياسين، الرايبوفلافين، البوتاسيوم، السيلينيوم، والزنك، وغيرها من العناصر التي تعزّز المناعة، وتقي من الأمراض، وتساعد في الوقاية من أنواع مختلفة من السرطان، إلى جانب دوره في خفض ضغط الدم والكوليسترول، وتعزيز صحة العظام."
أشهر أنواع الفطر وفوائده:
الفطر الأبيض: أكثر الأنواع شيوعاً، يتميّز باحتوائه على نسبة عالية من الألياف والبروتين، بالإضافة إلى فيتامينات B، C، D، ومعادن متعددة منها حمض الفوليك، الحديد، المنغنيز، والفوسفور. يُستخدم في السيطرة على الأمراض المزمنة وتعزيز المناعة وتنظيم عمليات الأيض.
فطر المحار: هشّ القوام، مخملي الملمس، يشبه المحار في شكله، ويمتاز بنكهة خفيفة قريبة من الفلفل. غني بفيتامينات B، الحديد، المغنيسيوم، الزنك، والبوتاسيوم، مع محتوى منخفض من الدهون والصوديوم، ما يجعله مناسباً للأنظمة الغذائية الصحية.
فطر بورتوبيللو: كبير الحجم، له ملمس يشبه اللحم، ولذلك يُعتبر بديلاً شهيراً للحوم لدى النباتيين. يُستخدم في حميات إنقاص الوزن، ويعزّز الجهاز الهضمي، ويقوّي الجهاز العصبي، ويحافظ على صحة العيون، الجلد، الكبد، والعظام.
فطر شيتاكي: ثاني أكثر الأنواع شهرة، منخفض الدهون والكوليسترول، غني بالعناصر المغذية التي تسهم في تقوية المناعة وتخفيض الكوليسترول، وله خصائص مضادة للسرطان.
وتضيف بشّي: "يمكن الاستفادة من هذه الأنواع من خلال إدخالها في وصفات الطعام المطبوخة، شرط غسلها وتجفيفها فوراً قبل الطهي وعدم نقعها في الماء لأنها تمتص السوائل بسرعة وتفقد قوامها."
المكمّلات الغذائية المصنوعة من الفطر.. ما بين الحقيقة والادعاءات
تشير اختصاصية التغذية إلى أن المكمّلات المصنوعة من الفطر تشهد انتشاراً واسعاً في الأسواق، حيث تتوفر أكثر من 200 نوع، منها ما هو مستخرج من فطر واحد فقط، ومنها ما يمزج بين أنواع متعددة. لكن ورغم شعبيتها المتزايدة، تظلّ الدراسات حول فعاليتها محدودة، ونتائجها غير حاسمة.
وتوضح بشّي: "من الناحية العلمية، لا توجد أدلة قاطعة تثبت فاعلية هذه المكمّلات في تقديم الفوائد الصحية ذاتها التي يمنحها الفطر الطبيعي. وبالتالي، لا يمكن التوصية بها من دون فحص تركيبتها الصحية، ومعرفة الحالة الطبية لكل شخص على حدة."
مخاطر محتملة يجب الانتباه إليها:
بعض هذه المكمّلات قد يؤدي إلى آثار جانبية مثل:
نشاف الدم (Blood blotting)
الحكة الجلدية
مشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإسهال
ظهور ردود فعل تحسسية
التفاعل مع أدوية علاج السكري
اضطراب ضغط الدم
وتؤكد بشّي: "المكمّلات ليست حبوباً سحرية، بل قد تكون لها تأثيرات عكسية إن لم تُؤخذ ضمن ضوابط محددة. ولهذا يُفضّل الاعتماد على الفطر الطبيعي كمصدر آمن وفعّال."

الفطر الطبيعي... مصدر متكامل للصحة
تشدد الاختصاصية على أن الفطر الطازج يظلّ الخيار الأمثل لمن يبحث عن غذاء صحي، نظراً لما يحتويه من مضادات أكسدة قوية مثل الأرجوثيونين، والتي تسهم في تقوية الدماغ، والوقاية من أمراض عصبية مثل الألزهايمر والباركنسون. وتلفت إلى أن الدراسات، منذ عام 1966، أظهرت أن تناول نحو 20 غراماً من الفطر يومياً، قد يخفّض خطر الإصابة بالسرطان بنسبة تصل إلى 45%.
كما تحذر من الإفراط في تناول الفطر المعلّب رغم احتوائه على العناصر الغذائية ذاتها، لأنه غالباً ما يحتوي على نسب مرتفعة من الملح تؤثر سلباً على ضغط الدم.
وتختم حديثها بالتشديد على أهمية دمج الفطر الطازج ضمن النظام الغذائي، بفضل محتواه المنخفض جداً من السعرات الحرارية، إذ لا يحتوي الكوب الواحد منه إلا على 15 سعرة حرارية فقط، مما يجعله مثالياً للباحثين عن طعام صحي، خفيف، وغني بالفوائد