عاجل

اختراق استراتيجي

أكبر اتفاق بعد البريكست.. بريطانيا والهند تعلنان شراكة تجارية تاريخية

جوناثان رينولدز وبيوش
جوناثان رينولدز وبيوش جويال

أعلنت الهند والمملكة المتحدة، يوم الثلاثاء، توقيع اتفاق للتبادل الحر وصفته لندن بأنه "الأكبر منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، في خطوة تهدف إلى توسيع الشراكة الاقتصادية بين البلدين في ظل تحولات متسارعة في العلاقات التجارية الدولية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن الاتفاق "يمثل أكبر صفقة تجارية تبرمها المملكة المتحدة منذ البريكست"، مؤكدًا أن بلاده استعادت مكانتها كشريك تجاري عالمي جذاب.

في المقابل، وصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الاتفاق بأنه "محطة تاريخية" في العلاقات الثنائية، مشددًا على أنه يمثل "فرصة جديدة نحو تعميق التعاون في مختلف المجالات".

سوق هائلة وتبادل متنامٍ

بموجب الاتفاق الجديد، تحصل بريطانيا على إمكانية النفاذ إلى سوق هندية ضخمة تضم نحو 1.4 مليار نسمة، وهي السوق الأكبر عالميًا من حيث عدد السكان. ووفقًا لتقديرات بريطانية، فإن الهند مرشحة لأن تصبح القوة الاقتصادية الثالثة في العالم خلال ثلاث سنوات.

وبحسب الحكومة البريطانية، من المتوقع أن يسهم الاتفاق في زيادة التبادل التجاري الثنائي بقيمة 25.5 مليار جنيه إسترليني، مع تأثير متواضع على الناتج المحلي الإجمالي البريطاني بنحو 4.8 مليارات جنيه فقط.

وتبلغ قيمة التبادل التجاري الحالي بين البلدين أكثر من 40 مليار جنيه سنويًا، ويتنوع بين المنتجات الصناعية والبترولية والدوائية، إضافة إلى تبادل واسع في قطاع التعليم والخدمات السياحية والمهنية.

تخفيضات جمركية وتأشيرات

يشمل الاتفاق تخفيضات تدريجية على الرسوم الجمركية، حيث سيتم إلغاء 85% من الرسوم المفروضة على السلع البريطانية المتجهة إلى الهند خلال عشر سنوات. كما سيتم تخفيض الرسوم على السيارات البريطانية من أكثر من 100% إلى 10% وفقًا لحصة محددة، لم يُعلن عنها بعد.

أما في قطاع المشروبات الكحولية، الذي شكّل عقبة أساسية في المفاوضات، فقد تم الاتفاق على تخفيض الرسوم الجمركية على الويسكي البريطاني من 150% إلى 40% على مدى عشر سنوات، وهو ما قد يسهم في تحقيق صادرات إضافية تصل إلى مليار جنيه إسترليني خلال خمس سنوات، وتوفير 1200 وظيفة، بحسب جمعية "سكوتش ويسكي".

وفي ما يخص ملف تأشيرات الدخول، أقر رئيس الوزراء البريطاني بأن المفاوضات كانت "صعبة من الجانبين"، لكنه لم يفصح عن تفاصيل التفاهمات التي تم التوصل إليها في هذا الشأن، وسط توقعات بأن الاتفاق سيفتح المجال لمزيد من التسهيلات للطلاب والمهنيين الهنود.

بعد سياسي واقتصادي

رغم أن بريطانيا أبرمت عدة اتفاقات تجارية منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي – منها مع أستراليا ونيوزيلندا – إلا أن معظم هذه الاتفاقات كانت محدودة الأثر اقتصاديًا، بينما يحمل الاتفاق مع الهند ثقلاً اقتصاديًا واستراتيجيًا في آنٍ واحد، خاصة في ظل تصاعد التنافس الاقتصادي مع الصين.

كما يأتي الاتفاق في سياق اضطراب التجارة العالمية، إذ استؤنفت المفاوضات مع نيودلهي أواخر فبراير، تزامنًا مع بدء إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض ضغوط تجارية ورسوم جمركية أثارت قلق الشركاء الأوروبيين.

ويرى مراقبون أن الاتفاق البريطاني-الهندي يعكس سعي لندن إلى تنويع شراكاتها التجارية بعيدًا عن أوروبا، وتعزيز روابطها مع الاقتصادات الصاعدة ذات الكثافة السكانية العالية والتوجهات التصنيعية القوية.

تم نسخ الرابط