عاجل

بعد أحداث بورتسودان.. خبراء سودانيون يحذرون من تفاقم الأزمة الإنسانية

الانفجارات في بورتسودان
الانفجارات في بورتسودان

حذر خبراء سودانيون من تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان، وحدوث مزيد من الأضرار في البنية التحتية، بعد تطور الانفجارات العديدة التي ضربت بورتسودان في تصاعد جديد للحرب التي اندلعت في أبريل 2023.

وشهدت مدينة بورتسودان، صباح اليوم الثلاثاء، تصاعدًا حادًا في التوتر، حيث أفاد شهود عيان بسماع دوي انفجارات قوية واندلاع حرائق متعددة في مناطق متفرقة من المدينة، ولا تزال الأسباب الدقيقة للانفجارات غير واضحة، ما يزيد من حالة الغموض والقلق في أوساط السكان، وتصاعدت أعمدة دخان داكنة من محيط الميناء البحري الرئيسي في السودان، الواقع في المدينة التي لجأ إليها مئات الآلاف من النازحين.

انتقال الحرب في السودان إلى فصل جديد

وقال الخبير السوداني اللواء الدكتور أمين إسماعيل مجذوب، خبير إدارة الأزمات والتفاوض بمركز البحوث الاستراتيجية، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، إنه من الواضح أن الحرب انتقلت الآن إلى حرب المسيرات وهي ما تُعرف بالحرب العملياء؛ باعتبار أن القصف يتم بالمسيرات لمناطق الخدمات والمواقع العسكرية كما حدث في نيالا وبورتسودان، وبالتالي تغيرت استراتيجيات وتكتيك الحرب في السودان.

وأضاف الخبير السوداني: "المسيرات تعطي أبعاد تكتيكة خطيرة باعتبار أنها لا تؤمن الأرض، يوجد جيوش أو قطاعات أرضية تؤمن أهداف على الأرض، إنما المسيرات هدفها التدمير ومسألة ضغط نفسي، وبالتالي يبدو أننا في فصل جديد من فصول الحرب في السودان".

وأوضح خبير إدارة الأزمات، أن الفصل الأول في الحرب بدأ بالحصار في المناطق الوسطى والعاصمة الخرطوم، ثم بدأ فصل العمليات الهجومية من جانب الجيش السوداني، وبدأ الفصل الثالث بالهجوم على المناطق الميدانية، ثم بدأ الآن الفصل الرابع هو حرب المسيرات.

المتوقع في المستقبل حسبما يرى "مجذوب"، هو أن يتم زيادة استخدام المسيرات من جانب قوات الدعم السريع، وبالتالي حدوث مقاومة من جانب الجيش السوداني واستخدام سلاح الطيران في المناطق التي يستخدمها الدعم السريع كقواعد أو كمخازن للأسلحة أو حتى خطوط إمداد من دول الجوار الغربية أو الجنوبية، مضيفًا: "متوقع أيضًا أن يكون هناك تدخلًا إقليميًا واضحًا بدعم الدعم السريع بالأجهزة الحديثة والمسيرات وهذا يؤدي إلى تصاعد الحرب وإضرار كبير في البنية التحتية السودانية والإضرار بالشعب السوداني".

وأشار الخبير الاستراتيجي، إلى أن الشعب السوداني الآن يُعاني من ضوائق اقتصادية ومعيشية وإنسانية لعدم توافر الطعام والاحتياجات الإنسانية للنساء والأطفال وبالتالي تزداد الضغوط على الشعب، لافتًا إلى أن من مسألة إيقاف الحرب تستلزم مسارين، الأول؛ مسار عسكري لديه تحسباته وزمنه وعوائقه، والثاني؛ مسار سياسي لديه تحسباته وزمنه وتكتيكياته واستراتيجياته وأيضًا لديه عوائقه، وبالتالي يتم دائمًا حساب تقدير موقف وطني تقدير موقف استراتيجي لاختيار أحد المسارين الأنسب ليخوض هذه الحرب في السودان. 

ما يحدث في بورتسودان تطورًا خطيرًا

ومن جانبه، قال العميد الدكتور جمال الشهيد الخبير العسكري والاستراتيجي السوداني، خلال تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم": "في تطور خطير للصراع المستمر في السودان منذ أبريل 2023، شهدت العاصمة الإدارية الموقتة بمدينة بورتسودان، التي كانت تُعتبر ملاذًا آمنًا نسبيًا، تصعيدًا غير مسبوق خلال الأيام الماضية؛ تمثلت هذه التطورات بشن هجمات متتالية بطائرات مسيرة تتبع لقوات الدعم السريع المتمردة".

وأشار إلى أن هذه المسيرات استهدفت منشآت حيوية في بورتسودان، بما في ذلك قاعدة عثمان دقنة الجوية، مستودعات الوقود، ومرافق مدنية أخرى مثل فندق مارينا، وأدت هذه الهجمات إلى انفجارات وحرائق، وتسببت في تعطيل حركة الطيران في مطار بورسودان وهو المطار الوحيد المستخدم حاليًا في السفريات الخارجية، ما أدى إلى تعليق حركة الطائرات في  محاولة متعمدة لتعطيل الحياة اليومية واستهداف احتياجات المواطنين الأساسية أثارت هذه الهجمات.

وأشاد الخبير العسكري بردود الفعل الدولية والإقليمية حول هذه المسيرات، بعدما أدانت مصر والسعودية بشدة الاستهداف المكثف للمنشآت والبنى التحتية المدنية في بورتسودان، وأكدوا على خطورة التصعيد وتأثيره على جهود وقف إطلاق النار، مضيفًا: "خاصة أن الهجمات المتتالية أثرت على الوضع الإنساني المتدهور منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني ومليشيا الدعم السريع في أبريل 2023، حيث قُتل أعداد كبيرة من المواطنين العُزل، ونزح حوالي 13 مليونًا، مع تفاقم أزمة الغذاء في البلاد".

العامل الجوهري الأساسي الذي أدى إلى تغيير المليشيا لتكتيكات القتال حسبما يرى العكيد الدكتور جمال الشهيد، هو اعتراض تقدم الجيش السوداني بعد أن تمكن من استعادة السيطرة على معظم مناطق وسط السودان، لذلك لجأت قوات الدعم السريع إلى استخدام الطائرات المسيّرة لاستهداف مناطق خاضعة لسيطرة الجيش، بما في ذلك منشآت حيوية مثل محطات الكهرباء، مشيرًا إلى أن الحكومة السودانية اتهمت جهات خارجية، بتقديم دعم لقوات الدعم السريع، بما في ذلك تزويدها بالطائرات المسيّرة وهي الدولة الراعية للتمرد.

واختتم الخبير الاستراتيجي السوداني تصريحاته الخاصة، قائلًا: "في تقديري أن هذا التصعيد في بورتسودان يمثل تحولًا خطيرًا في مسار الحرب، حيث كانت المدينة تُعتبر سابقًا مركزًا للعمليات الإنسانية ومقرًا مؤقتًا للحكومة غير أن كل السفارات ومقار الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة تمارس عملها من هناك وأن استهدافها يُنذر بتفاقم الأزمة الإنسانية ويزيد من تعقيد جهود التوصل إلى حل سلمي".

تم نسخ الرابط