"دلوقتي بالكتير بعمل عملية ولادة في اليوم .. قبل 5 سنين كنت بعمل 3 عمليات ولادة على الأقل في اليوم".. هكذا تحدث طبيب نساء وولادة في مستشفى بمصر الجديدة عن تراجع حالات الولادة التي أصبح يستقبلها، وعلق لي الصديق أيمن جمال على "الفيسبوك" عن كتابتي عن انخفاض المواليد خلال أبريل 2025 في القاهرة بقوله: "133 ولادة يومياً في القاهرة! لابد ان أقسام النسا و الولادة في مصر بل والحضانات في طريقها للتوقف عن العمل".
إن تراجع أعداد المواليد من 2.7 مليون طفل في 2014 إلى 1.96 مليون خلال 2024 ومع توقعاتي أن يتراجع العدد إلى نحو 1.8 مليون طفل خلال 2025 يقودنا إلى تساؤلات بشأن الاحتياجات إلى أطباء وطبيبات النساء والولادة في مصر.
حاولت العثور على رقم محدد لأطباء النساء والولادة في مصر، ولم أجد سوى دراسة صدرت في 2019 عن المكتب الفني لوزارة الصحة بشأن احتياجات سوق العمل من الأطباء البشريين وقدرت الدراسة عدد أطباء النساء والولادة بنحو 6750 طبيباً وربما ارتفع العدد الى نحو 7 آلاف طبيب اليوم.. أي أن كل طبيب سيتولى في المتوسط تقريبا 260 حالة ولادة سنوياً مع عدد مواليد 1.8 مليون طفل. وهو عدد كبير بالنسبة للعالم.
إن مصر لازالت تحتاج إلى أطباء في تخصص النساء والولادة، خاصة في ظل ارتفاع الطلب على هذا التخصص اليوم في عدد من بلدان الخليج العربي.. ولكن في الوقت نفسه، فإن تراجع الطلب الحاد على اقسام الولادة في المستشفيات المصرية، والذي انخفض بنحو 50% خلال اقل من 10 سنوات يدفع القطاع الصحي ووزارة الصحة إلى إعادة التفكير في توجيه جزء من الموارد المخصصة لأقسام الولادة إلى أقسام الباطنة والجراحة وغيرها من التخصصات..
هذه العلاقة المباشرة بين الديموجرافيا والطب هي أحد جوانب أهمية الدراسات السكانية في التخطيط المستقبلي .. وربما يسمح وزير الصحة والسكان بنقاش مفتوح حول ما تقدمه لنا الدراسات السكانية عن احتياجات القطاع الصحي في مصر.