محلل اقتصدي: الصين تعتمد الدبلوماسية الصامتة لتهدئة التوتر التجاري مع واشنطن

قال الباحث والمحلل الاقتصادي أحمد أبو علي، إن الصين اتجهت مؤخرًا إلى اعتماد نهج "الدبلوماسية الصامتة" في إدارتها للأزمة التجارية الممتدة مع الولايات المتحدة، في خطوة تعكس رغبتها في تهدئة الأجواء الاقتصادية دون الدخول في تصعيد سياسي أو تقديم تنازلات تُفهم كضعف داخلي.
وأوضح أحمد أبو علي، خلال مداخلة هاتفية في برنامج «صباح البلد» على قناة «صدى البلد»، أن بكين اتخذت قرارًا بمنح إعفاءات جمركية على عدد من السلع الأمريكية، في مقدمتها الأدوية والمواد الكيميائية، دون الإعلان عن ذلك في إطار صراع أو اتفاق سياسي معلن، وهو ما يعكس استراتيجية مدروسة لتخفيف التوترات التجارية.
مقاربة اقتصادية ذكية
وأشار إلى أن الصين تتجنب بشكل متعمد اتخاذ خطوات قد تُفسر داخليًا على أنها تنازلات، أو تُفهم خارجيًا على أنها تغيير في موقفها الاستراتيجي تجاه الولايات المتحدة، خاصة في ظل استمرار الحرب التجارية بين البلدين.
وأضاف أن هذه الإعفاءات لا تمثل تراجعًا أو إذعانًا، بل تعكس مقاربة اقتصادية ذكية تأخذ في الحسبان متطلبات السوق المحلي.
تحفيز النمو الاقتصادي
ولفت إلى أن السلع التي شملتها الإعفاءات تُعد ضرورية للاقتصاد الصيني ولا يمكن إحلالها سريعًا بمصادر محلية، وهو ما يفسر الخطوة كإجراء يهدف إلى تقليل تكاليف الإنتاج، ودعم استقرار سلاسل التوريد، ما يسهم بدوره في الحد من التضخم الصناعي وتحفيز النمو الاقتصادي في ظل مؤشرات ركود تشهدها البلاد مؤخرًا.
رسائل غير مباشرة
وأكد أن الصين تفضل توجيه رسائل غير مباشرة عبر أدوات اقتصادية، بدلًا من الانخراط في مواجهات سياسية مكشوفة، ما يعكس فلسفة استراتيجية قائمة على التهدئة من دون التنازل عن المصالح الأساسية.
وكا قد حذر الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح فهمي استاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، من تداعيات الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، مؤكدًا أن ما يحدث حاليًا هو "معركة تكسير عظام" لن يخرج منها أحد منتصرًا، مشيرًا إلى أن مصر قد تكون من أبرز المتضررين نتيجة هشاشة الوضع الاقتصادي الداخلي وما يواجه الاقتصاد القومى من تحديات كبيرة على مدار السنوات الأربعة الماضية.
صراع الرسوم الجمركية
وأكد د. صلاح فهمي، فى تصريح لـ"نيوز رووم"، أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين دخلت مرحلة جديدة من التصعيد، موضحًا أن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب استهدفت الصين بشكل مباشر، وهي الدولة الأعلى تضررًا والتى كان من نصيبها أعلى نسبة للرسوم الجمركية بنسبة 34% فردت الصين بفرض رسوم جمركية بنسبة مماثلة على الصادرات الأمريكية، في إطار من الندية، لكن ترامب واصل تحديه برفع نسبة الرسوم على الصادرات الصينية لأكثر من 100% فى تصعيد جديد لوتيرة الحرب التجارية.
وأضاف أن "الصين وأمريكا هما قوتان عظميان"، وعلى عكس ما يظنه البعض، فإن الصين أقرب إلى الأسواق الأمريكية ليس جغرافيًا فقط، بل في التكلفة الإنتاجية والتنافسية، وأوضح أن تكاليف التصنيع المنخفضة في الصين، والأجور المحدودة، واستقرار الأسعار بمعدل تضخم لا يتعدى 5%، يمنحها ميزة تنافسية كبيرة مقارنة بغيرها من دول العالم علي عكس مصر علي سبيل المثال، التي تعاني من ارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع الأجور، وارتفاع التضخم الذي يتجاوز 20% مما يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج، وبالتالي ضعف القدرة التنافسية للمنتجات المصرية.
وأكد أن مصر لا تستطيع الصمود أمام هذه التقلبات الحادة، وخاصة أن الاقتصاد المصري تحمل الكثير خلال السنوات الأربع الماضية، ويواجه الآن ظروفًا شديدة الصعوبة، وتابع: "لازم نعمل أولويات للخطة، فالتضخم مرتفع، والفائدة البنكية وصلت لـ27%، وده معناه توقف عجلة التشغيل، كما حذر من أن هذه الأوضاع ستدفع المستثمرين إلى الاكتفاء بالعوائد البنكية دون المخاطرة، مما يؤدي إلى ارتفاع البطالة وتراجع نمو القطاعات والأنشطة الاقتصادية وفى مقدمتها السوق العقاري، الذي كان أول القطاعات الخاسرة