خبير: «محطة الضبعة» خطوة استراتيجية نحو أمن الطاقة في مصر

في ظل التحولات العالمية المتسارعة في مجال الطاقة، تتجه مصر بخطى واثقة نحو تنويع مصادرها وتعزيز أمنها الطاقي من خلال مشروعها النووي السلمي العملاق بمحطة الضبعة، والذي يُعد أحد أكبر المشروعات الاستراتيجية في تاريخ البلاد، ويجسد رؤية الدولة نحو مستقبل أكثر استدامة واستقلالًا في قطاع الطاقة.
بداية التنفيذ وشراكة دولية
بدأت مصر تنفيذ محطة الضبعة النووية بالتعاون مع شركة "روس آتوم" الروسية، بقدرة إجمالية تصل إلى 4800 ميجاوات، موزعة على أربع وحدات نووية. ومن المنتظر أن يبدأ تشغيل أول وحدة بالمحطة بحلول عام 2028، وفقًا لتصريحات رسمية من وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.
ويُعد هذا المشروع هو الأول من نوعه في مصر، ويدشن دخول البلاد رسميًا إلى نادي الدول المالكة للطاقة النووية السلمية، ويشكل خطوة استراتيجية لدعم التنمية الصناعية والاقتصادية.
أهداف تتجاوز إنتاج الكهرباء
رغم أن الهدف الرئيسي من المشروع هو توليد الكهرباء، فإن محطة الضبعة تمثل أداة متعددة الأبعاد تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، من أبرزها:
تنويع مزيج الطاقة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
خفض انبعاثات الكربون وفقًا للالتزامات البيئية الدولية.
دعم القطاعات الإنتاجية والصناعية من خلال توفير كهرباء مستقرة وبتكلفة تنافسية.
نقل التكنولوجيا النووية إلى الداخل المصري وبناء كوادر بشرية متخصصة.
خلق آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
تحديات على الطريق
ورغم التقدم الملحوظ في تنفيذ المشروع، تواجه الضبعة عددًا من التحديات، أبرزها ضمان أعلى معايير السلامة النووية، خاصة في ظل الكثافة السكانية في بعض المناطق القريبة، إلى جانب التحديات المالية المرتبطة بالتكلفة الرأسمالية المرتفعة، وضرورة كسب ثقة المجتمع المحلي تجاه المشروع والتعامل مع المخاوف البيئية المحتملة.
مشروع استراتيجي طويل الأمد
وفي هذا السياق، أكد الدكتور أحمد راغب، خبير الطاقة، لـ "نيوز رووم"أن مشروع الضبعة لا يمثل فقط استجابة لحاجة مصر إلى طاقة نظيفة ومستدامة، بل يعد خطوة نحو تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي الذي تُصدّره مصر وتستخدمه صناعيًا.
وأشار إلى أن تشغيل الضبعة سيمنح مصر هامشًا أكبر من الأمان الطاقي في ظل تقلبات أسواق الطاقة العالمية، معزّزًا موقعها في سوق الطاقة الإقليمي والدولي.
رهان على الإرادة السياسية والاستثمار في البشر
وشدد راغب على أن نجاح المشروع يعتمد بالأساس على الإرادة السياسية الداعمة، والاستثمار الجاد في تدريب الكوادر الوطنية، مؤكدًا أن مصر تملك فرصة تاريخية لتحسين موقعها التكنولوجي والاقتصادي إذا ما تم الالتزام بأعلى معايير التشغيل والسلامة.
ومع اقتراب الحلم من أن يصبح واقعًا، تبقى محطة الضبعة النووية ركيزة محورية في استراتيجية مصر لبناء مستقبل طاقي آمن، مستدام، وذو طابع وطني خالص.