من غير بواب.. شارع المعرش بالفيوم "وكالة المغاربة" وأهم شوارعها التجارية |صور

ترجع فكرة ''الوكالات'' قديما فى مصر إلى العصرين المملوكى والعثماني ويطلق عليها عدة مسميات مثل ''الخان"و"الرباط" و"الخندق'' و''القنطرة'' و"وسوق العصر"، حيث كانت تتكون من عدة طوابق، الأرضي لتخزين البضائع واسطبلات للدواب والعلوية لسكن بعض التجار وبيع السلع التى يتاجرون بها.

بنيت في الفيوم الوكالات، وهي عبارة عن أبنية تتكون من عناصر مختلفة، وكل عنصر له وظيفة خاصة به، فالطابق الأرضي كان مخصصا لتخزين بضائع التجار الوافدين، أو لبيع السلع المعروضة، بالإضافة إلي أماكن مخصصة للدواب، أما الطوابق العلوية فهي عبارة عن حجرات مستقلة كانت تعد لنزلاء الوكالة، كما كانت تضم مجموعة من الحوانيت التجارية التي تفتح علي الطريق.

الشارع المعرش
وتشتمل الوكالة علي مدخل كبير يليه ممر مغطي بقبو ومنه تمر العربات والتى تزال بقايا الوكالة الوحيدة بالفيوم التي تعرف باسم وكالة المغاربة بشارع القصبة القديم أوالشارع الرئيسي بالمدينة القديمة وهو يعرف بشارع قنطرة بأختيار، ويعرف عند العامة بالشارع المعرش.

وتبقي من هذه الوكالة مدخلها الضخم المبني بالحجرالمشهر بالأبيض والأحمر، وتول هذا المدخل بعقد نصف دائري، وعلي جانبي المدخل مكسلتان، ويغلق عليه مصراعان من الخشب خاليان من الزخرفة أما الوكالة من الداخل لم يتبق منها أية آثار فقد تم هدم ما تبقي منها وتم تحويله إلي مبني حديث.

أطلق عليها العامة من أبناء المحافظة شارع "القصبة" أو"القنطرة" لأن بداية مدخلها يقع على أحد قناطر بحر يوسف وسط مدينة الفيوم، وسمها أيضا البعض بالسوق المعرش لأن الشارع الذى تطل عليه مسقف بالألواح الخشبية من أعلى وسميت بوكالة المغاربة، لأنها قديما تخصصت فى بيع البضائع التى يقبل عليها المغاربة كالأحرمة والسجاد.

الوكانت كانت متخصصة فى أحتياجات القبائل العربية
يقول سيد الشورة، مديرعام الأثار الأسبق بالفيوم، أن الوكالة كانت قديما متخصصه فى توفير احتياجات القبائل المغربية التى مرت على المحافظة أو استوطنت الفيوم عبرالعصور الإسلامية بداية من العصر الفاطمى حتى القرن الماضى.
كما رحبت المحافظة بالقبائل التى نزحت إلى الفيوم أيام الاحتلال الإيطالى لدولة ليبيا، وفى فترة مقاومة شيخ المقاومين (عمر المختار) للمحتل، وكانت الوكالة واحدة من المقاصد التى يفد إليها الزائرون فى مدينة الفيوم، مثل مسجد على الروبي وجامع قايتباى والمسجد المعلق وقنطرة اللاهون.

بحر يوسف
وأضاف أن الوكالة تطل على بحر يوسف عند كوبرى الشيخ سالم وتنخرط فى موقع آثرى إسلامى، كانت طرازمنازله ومشربياته وزخارفه متسقه ومتناغمه مع مجموعة المساجد الهامة والآثرية التى تحيط بالموقع، كمسجد العسيلى الذى تعلم فى كتابه (يوسف وهبى)، والمسجد الواقدى صاحب كتاب المصباح المنير ومسجد النافع وبالقرب منها من مسجد الصوفي، ومساجد الفيوم الآثرية الثلاث الروبي وقايتباى والمعلق.
تخصصت الوكاله لمئات السنين فى توفير كل ما يتطلبه عرب الفيوم وبدوها من احتياجات يوميه وحتى تجهير بيت العروس من الألف إلى الياء، كان الأعراب يقصدون الوكالة لشراء احتياجاتهم وبيع ما يجلبونه من بلدانهم من ناحيه، ومن ناحية أخرى كان فريق من التجار يحملون بضاعتهم على ظهور خيولهم قاصدين مضارب الأعراب على أطراف حدود الفيوم الملاصقة للصحراء الموصلة الى ليبيا ونشات بينهما معاملات وصلات وعلاقات ونسب.

البضائع البدوية
وتعد الوكالة عامره بانواع البضائع كما كانت محالها متخصصه تجد فيها مبتغاك عند تاجر شهير تميز فى عصره وورث ابناءه تخصصه بعد ذلك، كما نجد ارقى انواع العطور واللبان والبخور عند (الماوردى) ونجد الجلباب العربى ولوازمه عند (الفخرانى) والعطارة والملابس وتجهيزات العرائس.

لكن ذلك كله أصبح ذكريات لم يبق من أثر الماضى فيها إلا القليل، وتحولت وكالة المغاربة ببضائعها البدوية واليدوية المتخصصة المميزة إلى ما يشبه البوتيكات التى تعرض الملابس والأحذية والأدوات المصنوعة من الألومنيوم ففقدت بذلك تفردها إلى تمتعت به فترة طويلة والذى كان يمنحها الميزة النسبية كسوق متخصص متفرلم يتبقى من وكالة المغاربه اليوم سوى بقايا مدخلها الذى ضاعت معالمهـ كان مبنيًا بالحجر الأبيض المطعم بالأحمر وكان يوجد عقد نصف دائري على جانبيه شريط من الخشب يحيط به شريطين من النحاس.

وكان على جانبى بوابة الوكالة مكسلتين حجريين استعمل أحدهما أحد تجار النعال المغربية والأحذية القديمة معرضًا لبضاعته كان اسمه (همسة) وكان شهيرًا يحول الأحذية القديمة إلى جديد يقبل عليها الناسأما السقف الخشبى فلا يزال باقيًا ولا تزال محال الوكالة التجارية باقية، البضائع البدوية لتتوافق مع مطلبات مرتادى المنطقة الآن وأصبحت المخازن ومرابط الخيل محال تجارية تعرض الأجهزة الحديثة ودخل العمران الحديث بقوه وتم تغيير معالم الوكالة تمامًا ويضيع معلم من معالم الفيوم، كانت تقصده قوافل العربان والبدو للبيع والشراء ويزوره السائحون كمقصد سياحى يتفقدون معالمه ويشترون ما يحلو لهم من معروضاته خاصة تلك التى تزينها الزخارف الإسلامية، وكانت تعمل بفضله ورش وتنمو صناعات وتروج بضائع فتنتعش الصناعات المحليه وينتعش الدخل المحلي، لكننا نواجه بضياع معلم هام بين وحين ودائمًا لا نعرف قيمته إلا بعد أن نفقده تماما.

الوكالة تضم بوابة أثرية
وأكد مديرعام الآثار الإسلامية بالفيوم، أن الوكالة كانت بالفعل تضم بوابة أثرية جيدة وكان بها خزان مياه كامل ولكن للأسف تم "طمس" هذه المعالم الاثرية منذ عشرات السنين ولم يعد هناك ما يمكن اعتباره كأثر يتم تسجيله بسبب تعديات التجار على هذه المعالم التى لم يتبقى منها شئ، أما السقف الموجود بالوكالة فهو حديث ربما من منتصف القرن الماضى وكان التجار فى الوكالة أقاموه لحماية بضائعهم من المطر والشمس.