عاجل

أنواع الذهان والفصام: عندما ينفصل العقل عن الواقع..تعرف على الأسباب والبعلاج

أنواع الذهان
أنواع الذهان

هل ترى أشياء أو تسمع أصواتًا لا يدركها غيرك؟ هل تشعر أن هناك من يراقبك دائمًا؟ هل تظن أن إشارات معينة تحمل رسائل موجهة إليك وحدك؟ هذه ليست مجرد أوهام عابرة، بل قد تكون مؤشرات على اضطرابات ذهانية؛ حالات نفسية خطيرة تجعل الإنسان ينفصل جزئيًا أو كليًا عن الواقع المحيط.

الذهان ليس مرضًا واحدًا، بل مظلة واسعة تضم تحتها مجموعة من الاضطرابات العقلية، تختلف في الأعراض، والأسباب، وشدة التأثير على الشخص، وحتى في طرق التشخيص والعلاج. وفي هذا التقرير، نأخذك في جولة لفهم أبرز أنواع الذهان، وكيف يمكن التعرف عليها، ومتى يصبح من الضروري التدخل الطبي العاجل.


ما هو الذهان؟

الذهان (Psychosis) هو اضطراب عقلي يجعل الشخص يفقد الاتصال بالواقع، ويبدأ في إدراك العالم بطريقة مشوشة أو غير منطقية. المصاب بالذهان قد يعاني من هلاوس (يرى أو يسمع أشياء غير موجودة)، أو ضلالات (قناعات غير واقعية يصعب تغييرها)، أو تفكير مضطرب يجعله غير قادر على التفرقة بين الحقيقة والخيال.

وعلى عكس ما يظنه البعض، فإن الذهان ليس دائمًا مزمنًا، فقد يظهر بشكل مفاجئ ويزول مع العلاج، كما أنه لا يعني بالضرورة أن الشخص "مجنون"، بل إنه يعاني من اضطراب نفسي يحتاج إلى دعم وفهم لا إلى وصم وتنمر.


الأنواع الشائعة للذهان

1. الفصام (Schizophrenia)

الفصام هو أكثر أنواع الذهان شهرة، ويُعد اضطرابًا طويل الأمد يؤثر على طريقة تفكير الشخص وسلوكياته. تتضمن أعراضه:

  • الهلاوس السمعية والبصرية.
  • ضلالات الاضطهاد أو العظمة.
  • فقدان القدرة على التفكير المنطقي.
  • الانعزال الاجتماعي.
  • تراجع في الأداء الدراسي أو الوظيفي.


العلاج: غالبًا ما يشمل مضادات الذهان طويلة الأمد، والعلاج النفسي، والدعم الأسري المستمر.


الاضطراب الفُصامي الوجداني (Schizoaffective Disorder)

هو حالة تجمع بين أعراض الفصام والاضطرابات المزاجية (كالاكتئاب أو الهوس)، ويُشخص عندما تظهر أعراض ذهانية مستقلة عن نوبات المزاج.

السمات الرئيسية:

  • تقلبات مزاجية حادة.
  • هلاوس وضلالات.
  • تغيرات في الطاقة والنشاط.
  • سلوك غير متزن.

العلاج: يجمع بين مضادات الذهان ومضادات الاكتئاب أو مثبتات المزاج.


 الذهان الوجيز أو المؤقت (Brief Psychotic Disorder)

يحدث بشكل مفاجئ ويستمر لفترة قصيرة (أقل من شهر)، وغالبًا ما يظهر بعد ضغوط نفسية شديدة كوفاة شخص قريب أو التعرض لصدمة.

الأعراض:

  • هلوسة مؤقتة.
  • ضلالات بسيطة.
  • نوبات بكاء أو غضب غير مبررة.

العلاج: يزول عادة تلقائيًا مع المتابعة الطبية القصيرة والدعم النفسي.


 الذهان الناتج عن المخدرات أو الكحول (Substance-Induced Psychosis)

تسببه بعض المواد الكيميائية مثل الحشيش، الكوكايين، الأمفيتامينات، أو حتى بعض الأدوية عند استخدامها بجرعات خاطئة.

الأعراض:

  • رؤية أو سماع أشياء غير موجودة.
  • جنون العظمة أو الخوف المفرط.
  • سلوك عدواني أو غريب.

العلاج: التوقف عن المادة المسببة، مع رعاية طبية وعلاج سلوكي.

 الذهان العضوي أو الناتج عن مشكلات صحية (Organic Psychosis)

ينتج عن خلل جسدي مثل أورام الدماغ، الصرع، أو أمراض الجهاز العصبي. وقد يظهر أيضًا في حالات الخرف أو الزهايمر.

المؤشرات:

  • ظهور مفاجئ للذهان في كبار السن.
  • تغيرات معرفية حادة.
  • نسيان، ارتباك، واضطرابات في الوعي.

العلاج: يتم علاج السبب الجسدي أولًا، ثم التدخل النفسي إذا لزم الأمر.

اضطراب الضلالات (Delusional Disorder)

يتميز بوجود ضلالات محددة دون وجود هلاوس أو تفكك في التفكير. المريض قد يبدو طبيعيًا لكنه مقتنع بأفكار غير واقعية.

أمثلة على الضلالات:

  • الاعتقاد بأن شخصًا ما يحبه (ضلالة حب).
  • الشعور بالملاحقة والمراقبة (ضلالة الاضطهاد).
  • قناعات مرضية غير صحيحة (ضلالة جسدية).

العلاج: يعتمد على الجلسات النفسية طويلة الأمد مع استخدام خفيف لمضادات الذهان.


ما الفرق بين الذهان والاضطرابات العقلية الأخرى؟

يخلط البعض بين الذهان والاكتئاب أو القلق أو حتى اضطراب ثنائي القطب. الفارق الجوهري أن الذهان يتضمن فقدانًا للصلة بالواقع، وهو ما لا يحدث عادة في تلك الاضطرابات الأخرى، إلا إذا تطورت إلى مراحل شديدة.


كيف يُشخّص الذهان؟

التشخيص يعتمد على:

  • مقابلات سريرية مع المريض وأسرته.
  • تقييم نفسي شامل.
  • تحاليل لاستبعاد الأسباب الجسدية (مثل فحوص الدم والدماغ).
  • ملاحظة السلوك العام للمريض.

هل يمكن الشفاء من الذهان؟

الخبر الجيد هو أن كثيرًا من حالات الذهان يمكن السيطرة عليها، خاصة إذا تم التشخيص مبكرًا وبدء العلاج في الوقت المناسب. معظم المرضى يتحسنون بالعلاج المنتظم والدعم النفسي والاجتماعي، ويستطيعون العودة إلى ممارسة حياتهم بشكل طبيعي.


الذهان ليس نهاية العالم، بل هو حالة صحية تستحق التفهم لا التهميش، وتستدعي الدعم لا الخوف. إذا كنت أنت أو أحد من تحب يعاني من أعراض مشابهة، لا تتردد في طلب المساعدة من طبيب نفسي مختص. فكلما كان التدخل مبكرًا، زادت فرص الشفاء واستعادة الحياة الطبيعية.

تم نسخ الرابط