عاجل

مشروع ألماني مثير للجدل.. توربينات صينية يُديرها عسكريون قرب الناتو

توربينات صينية
توربينات صينية

في خطوة أثارت جدلًا سياسيًا وأمنيًا، تعاقدت شركة ألمانية مع مجموعة "مينج يانج" الصينية لتوريد توربينات رياح لمزرعة "ووتركانت" في بحر الشمال، رغم تحذيرات رسمية من مخاطر أمنية واقتصادية مرتبطة بالشركة الصينية ذات الصلة بالجيش والحزب الشيوعي الصيني.

وبحسب تقرير نشرته مجلة "نيوزويك"، فإن مؤسس الشركة، تشانج تشوانوي، خدم سابقًا في جيش التحرير الشعبي الصيني، ويُعرف بولائه الصريح للحزب الشيوعي، كما أن شركته توظف مئات من قدامى العسكريين الصينيين في مواقع قيادية. وهو ما يزيد من المخاوف المتعلقة بالتجسس أو التحكم بالبنية التحتية الحيوية في الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي، خاصة أن المشروع يقع بالقرب من ألمانيا وهولندا والدنمارك.

ورغم التحذير الذي ورد في تقرير سري صادر عن معهد الدفاع والدراسات الاستراتيجية الألماني، التابع لوزارة الدفاع، والذي أوصى بعدم إسناد مشاريع حساسة لشركات صينية، فقد مضى المشروع قُدمًا مع مجموعة "مينج يانج"، التي لم تعلق على التقرير أو على الاتهامات.

توربينات بصلات عسكرية

توضح بيانات حكومية صينية أن تشوانوي التحق بالجيش الصيني في سن السادسة عشرة، وانضم للحزب الشيوعي بعد ذلك بعامين، ولا يزال يفاخر بولائه وتطبيقه "للأهداف الصناعية للدولة". ووفقًا لموقع حكومي صيني، فإن شركة "مينج يانج" تعتمد بشكل أساسي على قدامى العسكريين في تنفيذ المهام الاستراتيجية، حيث يتولى هؤلاء مواقع تنفيذية رئيسية في مشاريعها.

ويأتي المشروع في وقت تخوض فيه أوروبا سباقًا لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة بهدف تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2030، وتقليل الاعتماد على الغاز الروسي. غير أن ذلك يدفع نحو مزيد من الاعتماد على التكنولوجيا الصينية، وهو ما يفتح الباب أمام تأثيرات اقتصادية وأمنية عميقة.

تحذيرات أوروبية وأمريكية

يؤكد أرنولد دوبوي، أستاذ مشارك بجامعتي جورج ميسون وفيرجينيا تك ورئيس برنامج أمن الطاقة في حلف الناتو، أن منح عقود بهذه الحساسية لشركة ذات صلات عسكرية وحزبية بالصين هو "خيار غير حكيم". وأشار إلى إمكانية استخدام نظم التحكم الصناعية في شن هجمات إلكترونية أو جمع معلومات استخباراتية.

وفي السياق ذاته، شددت وزارة الداخلية الألمانية على أنها تأخذ "بجدية بالغة" أي تهديد أمني محتمل، خاصة في قطاع الطاقة المرتبط مباشرة بأمن الإمدادات.

أما شركة "لوكسكارا" المالكة للمشروع، فقد دافعت عن قرارها، وأكدت أنها أجرت تقييمًا شاملاً للمخاطر بدعم من خبراء مستقلين، ولم تجد أسبابًا تمنع التعاقد مع "مينج يانج". لكنها لم تُجب عن أسئلة "نيوزويك" المتعلقة بالخلفيات العسكرية والسياسية للشركة الصينية.

استثمارات صينية تحت المجهر

يمثل مشروع "ووتركانت" أول دخول لمجموعة "مينج يانج" إلى بحر الشمال، وهناك خطط محتملة لتوسيع نشاطها في اسكتلندا. غير أن النرويج رفضت في وقت سابق عرضًا من الشركة الصينية لتوريد توربينات لمشروع مماثل، دون توضيح الأسباب.

في بروكسل، طالبت مؤسسة المبادرة الأوروبية لأمن الطاقة بإعادة تقييم سياسات الطاقة المتجددة الأوروبية، بحيث تراعي معايير الأمن القومي، معربة عن قلقها من "غياب الأولويات الواضحة" في ظل استمرار التحقيق الأوروبي بشأن دعم الدولة الصينية للشركة.

وفي تقريره السري، حذّر معهد الدفاع الألماني من أن بكين تستخدم شركاتها الصناعية الخاصة كأذرع للنفوذ الجيوسياسي، مستشهداً بدعوات تشوانوي لنشر توربينات في بحر الصين الجنوبي المتنازع عليه. التقرير خلص إلى أن "البنية التحتية الحساسة المعرضة لتأثير خارجي قد لا تكون متاحة عند الحاجة في حالات الأزمات".

تم نسخ الرابط