عاجل

هارون عليه السلام.. نبي البلاغ واللين رفيق موسى في طريق النبوة ومواجهة فرعون

قصة هارون
قصة هارون

من بين الشخصيات النبوية البارزة في القرآن الكريم، يبرز هارون عليه السلام، نبي الله وأخو موسى عليه السلام، الذي اصطفاه الله ليكون سندًا ووزيرًا لأخيه في مهمته الصعبة، وهي دعوة فرعون الطاغية وقومه إلى عبادة الله الواحد الأحد. وقد اجتمع في هارون صفاء القلب، وفصاحة اللسان، وسكينة النفس، مما جعله مثالًا للنبي المساعد، الذي يعمل في الظل ليحمل مع أخيه عبء الرسالة.

نشأته وميلاده

ولد هارون في مصر، من نسل يعقوب عليه السلام، وكان أكبر من موسى بعمر ثلاث سنوات، وقد نشأ سويًا في بيت واحد، إلا أن لكل منهما خصائصه، فموسى كان قويًّا شديدًا، وهارون كان رقيقًا بليغًا. وقد جاءت قصة اختياره شريكًا في النبوة عندما دعا موسى ربه فقال: “وَاجْعَلْ لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي” [طه: 29-32]، فاستجاب الله له وأوحى إلى هارون، ليصبح نبيًّا مرسلاً أيضًا.
 

كان لهارون دور كبير أثناء دعوة فرعون، حيث رافق موسى إلى قصر الطاغية، وبلّغا معًا دعوة الله بكل ثبات وشجاعة. وعندما خرج موسى لمناجاة ربه، أوصى أخاه هارون بخلافة قومه، لكنه ابتلي بفتنة عبادة العجل، إذ ضلّ كثير من بني إسرائيل في غياب موسى، وحاول هارون بكل حكمة أن يمنعهم دون أن يحدث فتنة أو اقتتال، وقال لهم: “يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُم بِهِ ۖ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَـٰنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي” [طه: 90]، لكنهم قابلوه بالعناد والتهديد.

وعندما عاد موسى غاضبًا، اعتقد أن هارون قصّر، لكن هارون أوضح له موقفه وخشيته من أن يقول له موسى: “فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ”، فأثنى الله على صبره وصدقه. وقد ورد ذكره في أكثر من 20 موضعًا في القرآن، مما يدل على عظيم مكانته.

توفي هارون عليه السلام قبل موسى، ودفن في جبل الطور، ويقال إنه مات على مشارف الأرض المقدسة. وقد خلّد القرآن الكريم ذكره، وأثنى عليه بوصفه نبيًا صالحًا، صادقًا، بليغًا.

إن قصة هارون تقدم نموذجًا مهمًا عن الشراكة في الدعوة، وعن اللين في التعامل مع الفتن، وعن ضرورة الحكمة في إدارة الخلافات. فهو نبي سار إلى جانب أخيه في طريق التوحيد، بكل تواضع وثبات

تم نسخ الرابط