علي جمعة: اللغة العربية ليست مجرد وسيلة بل وعاء الوحي الإلهي

أكد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الديار المصرية الأسبق، أن اللغة العربية ليست مجرد أداة للتواصل، وإنما هي لغة اختارها الله عز وجل لحمل الوحي الإلهي الأخير إلى البشرية ممثلًا في القرآن الكريم.
وأوضح جمعة، خلال ظهوره في بودكاست "مع نور الدين" المذاع على قناة الناس، اليوم الأحد، أن الله سبحانه وتعالى أنزل التوراة والإنجيل كعهدين سابقين، ثم ختم الرسالات السماوية بالقرآن الكريم، الذي وصفه بـ"العهد الأخير"، مستشهدًا بالآية الكريمة: (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون)، مشيرًا إلى أن فهم هذا الكتاب العظيم لا يتم إلا عبر فهم اللغة التي نزل بها.
اختيار لغوي مدروس من ست قبائل فقط
وأوضح الدكتور علي جمعة أن المسلمين الأوائل قاموا بجمع مفردات اللغة العربية لحفظ القرآن وفهمه على الوجه الصحيح، وكان من أول من قام بذلك هو الخليل بن أحمد الفراهيدي في كتابه الشهير "العين"، ثم جاء ابن منظور ليجمع في "لسان العرب" ما يزيد عن 80 ألف جذر لغوي، بينما لا يحتوي القرآن إلا على حوالي 1810 جذور فقط.
وأشار إلى أن العلماء اختاروا ست قبائل عربية فقط ليأخذوا منها مادة اللغة، وهي: قريش، تميم، هذيل، طي، الأزد، وربيعة، لأنهم وجدوا أن ألفاظ هذه القبائل مستخدمة في القرآن الكريم، بينما تركوا لهجات أخرى كانت تستخدم ألفاظًا غريبة ومنفرة.
وتابع: "القرآن قام بعملية فلترة لغوية كبرى، فلم يستخدم كلمات مثل درباس، أو دربال، أو غيرها من ألفاظ غريبة وردت في لهجات أخرى، بل اقتصر على ألفاظ مألوفة وسهلة على الفهم والسماع، واختار مثلاً (قسورة) بدلاً من عشرات الأسماء الأخرى التي كانت تُطلق على الأسد".
وأكد أن اللغة العربية هي مفتاح لفهم الدين، ولا يمكن لمن أراد فهم "بسم الله الرحمن الرحيم" أو "الحمد لله رب العالمين" أن يدرك معناها العميق دون إلمام باللغة، مشيرًا إلى أن اللغة كانت أحد أعمدة بناء الحضارة الإسلامية، وأن إحيائها والاهتمام بها هو طريق لاستعادة جزء كبير من مجد الأمة وحضارتها.