عاجل

نهاد قطب .. من منصات التواصل إلى استدعاء النيابة العامة

نهاد قطب
نهاد قطب

في زوايا مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتقاطع الآراء وتتشكل الروايات، برز اسم نهاد قطب كصوت لا يُهادن، وصاحبة حضور دائم في القضايا الجماهيرية، لكن هذه المرة لم تكن نهاد تكتب عن الآخرين، بل أصبحت هي موضوعًا للتحقيق، بعدما استدعتها النيابة العامة على خلفية نشر أخبار "كاذبة" تتعلق بقضية الطفل ياسين، الطفل الذي حبس أنفاس المصريين حين اختفى، ثم عاد وسط علامات استفهام.

بث أخبار غير دقيقة 

لم تكن نهاد مجرد ناقلة خبر، بل كانت من أوائل من أثاروا القضية، وربما ساهموا، كما يقول أنصارها، في تسليط الضوء عليها، تدويناتها – التي حملت نبرة عالية، وغضباً مشروعاً أحياناً، ومبالغات أحياناً أخرى – قادت النيابة إلى فتح ملف خاص بها، واتهامها بـ"بث أخبار غير دقيقة من شأنها إثارة البلبلة وتضليل العدالة".

ففي إحدى تدويناتها، كتبت نهاد: "قضية ياسين ليست مجرد اختفاء، هناك أيادٍ خفية تعبث في حياة أبنائنا… وعلى المجتمع أن يفتح عينيه".
كلمات كهذه لم تمر مرور الكرام، خاصة في ظل حساسية القضية وتعقيداتها، النيابة العامة رأت في هذا الطرح تجاوزًا لا تبرره حرية التعبير، فيما رآه متابعو نهاد محاولة صادقة للبحث عن الحقيقة في ظل صمت رسمي طويل.

الطفل ياسين 

ياسين، ابن السنوات السبع، اختفى من أمام منزله في إحدى ضواحي القاهرة في منتصف نهار مشمس، لا شهود، لا كاميرات واضحة، فقط دموع أم وبلاغ سريع لثلاثة أيام، غصّت مواقع التواصل بصور الطفل، ودعوات للبحث عنه، ثم فجأة، عاد لا أحد يعرف كيف ولا أحد عرف لماذا.

هنا دخلت نهاد قطب على الخط، تنقل من يتحدثون عن "عصابة خطف"، وتطرح روايات عن "تواطؤ محلي"، ثم تلقي الضوء على ما تسميه "تقاعس الجهات الأمنية"، مستندة إلى شهادات مواطنين دون تحقق واضح، ومع تزايد الانتقادات الموجهة لها، كانت السلطات تتحرك بصمت، حتى صدر القرار: استدعاء للتحقيق بتهمة نشر أخبار كاذبة.

السوشيال ميديا… منبر للرأي أم فوضى سردية؟

تثير قضية نهاد قطب سؤالًا أكبر: إلى أي مدى يمكن اعتبار ما يُنشر على منصات التواصل "حرية تعبير"، ومتى يصبح "جريمة إلكترونية"؟
النيابة العامة تقول إنها لا تلاحق الرأي، بل المعلومة المغلوطة التي تضلل الرأي العام وتشوّه الحقائق.
أما نهاد، فيراها متابعوها "صوتًا شعبياً" لا تملك إلا منصتها الشخصية، في غياب إعلام تقليدي فاعل.

المفارقة أن التحقيق مع نهاد جاء بعد أن هدأت فورة قضية الطفل ياسين إعلامياً، لكنها عادت لتشتعل بعد أن صارت نهاد نفسها "بطلة لقضية حرية رأي".

ردود الفعل… انقسام واضح

في أوساط الصحفيين والنشطاء، جاءت ردود الفعل منقسمة، فريق يرى في استدعاء نهاد رسالة تخويف، هدفها إسكات الأصوات غير المنضبطة، وفريق آخر يطالب بالانضباط المهني في النشر، ويعتبر نهاد "نموذجًا لفوضى الإعلام الموازي".

أما نهاد نفسها، فلم تنكر أنها "أخطأت التوقيت وربما بعض التعبيرات"، لكنها تؤكد أنها "لم تفبرك"، وإنما "نقلت ما اعتبرته صوت الناس".

استدعاء نهاد قطب ليس مجرد ملف قانوني، بل مرآة تعكس صراعًا أوسع بين الإعلام التقليدي والرقمي، بين حق التعبير وواجب الدقة، بين الخوف من السلطة والخوف على المجتمع.
وفي خلفية المشهد، يبقى الطفل ياسين، بريئًا كما كان، محور حكاية ربما لم تُكتب نهايتها بعد.

تم نسخ الرابط