من السياسة إلى السياحة.. رحلة مها أبو الوفا الرئدة في قطاع الضيافة

وُلدت مها أبو الوفا رشوان في واحدةٍ من أكثر العائلات المصرية نفوذاً ومكانةً مرموقة، وقد بنت مسيرة مهنية استثنائية جمعت بين الضيافة والتسويق والقيادة السياسية.
طموح لا يلين
وبينما قد يعتقد البعض، أن مكانة والدها المرموقة هي التي مهدت لها مسيرتها، إلا أن قصة مها تُجسّد طموحاً لا يلين، وقدرةً على التكيف، ورغبة راسخة في الارتقاء بالمجتمع والقطاعات المحيطة بها.
اليوم يقدم لكم موقع «نيوز رووم» نظرةً عن كثب على أسلوب حياتها المُلهم، ونضالاتها، وإنجازاتها، ومهمتها الحالية لإحداث تأثيرٍ فعّالٍ في مستقبل السياحة والضيافة في مصر.
طفولةٌ محاطةٌ بالسلطة والهيبة
حصل والدها أبو الوفا رشوان،علي منصب رئيس قسم سكرتارية الرئيس المصري السابق حسني مبارك. ونشأت في عائلة ثرية ذات نفوذ واسع في صعيد مصر، ومعروفة بحضورها السياسي القوي، وشهدت بروز السلطة في المشهد السياسي.
وقد وضع دور والدها، عائلتها في قلب دوائر صنع القرار في مصر، مما أتاح لها منذ صغرها رؤىً ثاقبة في القيادة والدبلوماسية والتنمية الوطنية.
كيف أثر الترحال علي شخصية مها الفريدة؟
ولكن ما شكّل شخصية مها لم يكن فقط نسبها السياسي، بل أسلوب حياتها الفريد، المتسم بالترحال. فقد عرّفها سفرها المتكرر وإقامتها في فنادق في جميع أنحاء مصر وخارجها على أهمية الضيافة، والفن الرفيع الذي يجعل الضيوف يشعرون وكأنهم في منازلهم، والدور المحوري الذي تلعبه هذه الصناعة في تعزيز اقتصاد الأمة وصورتها العالمية.
شغفها بالضيافة والتسويق
بينما توقع الكثيرون منها أن تتبع مسيرة سياسية تقليدية، لكنها اكتشفت شغفها في مجال الضيافة، بالإضافة إلى دراستها الأكاديمية القوية في التسويق وإدارة الأعمال، أدركت مها مبكرًا كيف يمكن للتسويق الاستراتيجي أن يُعيد تعريف قطاع الضيافة. ودرست أيضاً التسويق والاتصالات.
أدركت مها، من خلال مسيرتها التعليمية، وتجاربها العملية في السفر والإقامة في فنادق فاخرة، أن التسويق وبناء العلامات التجارية ليسا مجرد أدوات للترويج، بل هما عصب قصة نجاح أي فندق. وأدركت كيف يؤثر تصور العلامة التجارية بشكل مباشر على السياحة والتوظيف والصورة الدولية.
النجاح لا يُورث، بل يُكتسب
تُعدّ مسيرة مها المهنية دليلاً على أن النجاح لا يُورث، بل يُكتسب بالتفاني والتعلم والمرونة.
بدأت مسيرتها المهنية كمساعدة تسويق في الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما، وهي خطوة أساسية عرّفتها على قطاع الضيافة في مصر من الداخل. وسرعان ما برزت بفضل أخلاقيات عملها القوية وصفاتها القيادية الفطرية.
ديناميكيات بناء العلامات التجارية للفنادق
بعد فترة وجيزة، انضمت مها إلى فنادق ومنتجعات روتانا مصر كمسؤولة تسويق إقليمية. لم يكن إدارة التسويق لأربعة فنادق أمرًا سهلاً، لكن مها ازدهرت تحت الضغط. تعلمت ديناميكيات بناء العلامات التجارية للفنادق، والتفاعل مع الضيوف، وتحديد موقعها في السوق في قطاع السياحة شديد التنافسية في مصر.
حرصًا منها على التطور وكسب الخبرات، انتقلت مها إلى فنادق ومنتجعات «ريستا» كمديرة تسويق إقليمية. هذه المرة، تولت مسؤولية أربعة فنادق مصرية وفندق واحد في لبنان. أتاح لها إدارتها للفرق والحملات الخارجية فهم اختلافات السوق الإقليمية وأهمية الاستراتيجيات المحلية.
سجل حافل بالنجاحات
قادها سجلها الحافل بالنجاحات إلى فنادق ومنتجعات روتانا، هذه المرة كرئيسة للتسويق والاتصالات في مصر. كان ذلك إنجازًا مهنيًا بارزًا رسّخ مكانتها كواحدة من أبرز قادة التسويق في قطاع الضيافة في البلاد.
التحول الرقمي في قطاع الضيافة
مع تحوّل العالم نحو المنصات الرقمية، توقعت مها صعود التسويق الرقمي وكيف سيُحدث ثورة في قطاع الضيافة. تحت قيادتها، لم تكتسب منصات روتانا على وسائل التواصل الاجتماعي في شرم الشيخ زخمًا فحسب، بل ارتقت إلى كونها أفضل ثلاثة حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي للفنادق في المدينة، متفوقةً على العديد من سلاسل الفنادق العالمية.
وكان سر نجاح مها، هو فهم ما يريد الضيوف رؤيته والشعور به عند تفاعلهم مع علامة تجارية فندقية عبر الإنترنت. من خلال مزج المحتوى الأصيل مع العروض الترويجية الاستراتيجية ومبادرات إشراك الضيوف، جعلت مها من حضور روتانا الرقمي معيارًا للآخرين.
أفضل 100 قائد تسويق في الشرق الأوسط
في عام 2023، أكسبتها جهود مها الدؤوبة وتأثيرها الواضح في مجال تسويق الضيافة مكانةً مرموقة ضمن قائمة أفضل 100 قائد تسويق في الشرق الأوسط التي أصدرتها مجلة «Hotelier Middle East». وقد وضعها هذا التكريم المرموق على منصةٍ إقليميةٍ مرموقةٍ وعزز مكانتها كقوةٍ تسويقيةٍ رائدة.
لم تقتصر قصة نجاحها على تصدر عناوين الصحف في دوائر الأعمال فحسب، بل ألهمت عددًا لا يحصى من المهنيين الشباب، وخاصةً النساء، في جميع أنحاء مصر والشرق الأوسط، للسعي وراء وظائف في مجال التسويق والضيافة، وهي قطاعاتٌ غالبًا ما تُغفلها المسارات المهنية التقليدية.
خدمة شباب مصر
خلال مسيرتها المهنية المتميزة في قطاع الشركات، لم تنقطع مها عن جذورها السياسية، إيمانًا منها بشباب مصر، الذين يشكلون أكثر من 60% من السكان، تولت منصب عضو أمانة الشباب في أحد أقوى الأحزاب السياسية وأكثرها شهرة في مصر.
بصفتها هذه، تهدف مها إلى تمكين الجيل القادم في مصر، وسد الفجوة بين السياسة والسياحة والتنمية الاقتصادية. وكانت رسالتها واضحة: إشراك الشباب المصري في رسم صورة أكثر إشراقًا وازدهارًا لبلادهم، وإعادة مصر إلى مصاف أبرز الوجهات السياحية العالمية.
دروس القيادة وفلسفتها الحياتية
على الرغم من خلفيتها القوية وإنجازاتها في قطاع الشركات، لا تزال مها ثابتة على موقفها. تتمحور فلسفتها القيادية حول التعاطف والتشجيع والعمل الجماعي.
تقول مها: "لقد تعلمت أن القيادة أفضل بكثير من الإدارة". وتنسب الفضل إلى مرشديها السابقين - مدير التسويق ونائب الرئيس - في غرس أهمية الدعم والثقة في بناء فرق عمل ناجحة.
وتسعى مها الآن جاهدةً لتكرار ثقافة التمكين هذه ضمن فرق عملها، مؤمنةً بأن الموظف المُحفّز لا يكون مُنتجًا فحسب، بل مُنخرطًا بشغف في عمله.
كما تريد أن يُذكرها الناس ليس فقط بالحملات التي قادتها أو الفنادق التي حسّنت من خلالها مكانتها، بل كموظفة ذكية، وزميلة داعمة، وقائدة مؤثرة تركت بصمةً خالدة في هذا المجال وفي حياة من عملت معهم.
حكمة للجيل القادم
للمحترفين الشباب الساعين للنجاح، تُقدّم مها نصيحةً بسيطةً وعميقةً في آنٍ واحد: "خذ الأمور ببساطة، لا تتسرّع، وتذكر أنه بإمكانك البدء في أي وقت.. حتى لو اضطررتَ لإعادة كل شيء من الصفر، فالوقت لم يفت أبدًا."
إنها فلسفةٌ عاشتها مها بنفسها، مُواجهةً التحولات المهنية، والخسائر الشخصية، واضطرابات القطاع، دون أن تتخلى أبدًا عن حلمها الأكبر (ازدهار السياحة في مصر وتألق الضيافة، وقيادة المواهب الشابة).
ما التالي لمها أبو الوفا رشوان؟
اليوم، لا تزال مها تُمثّل قوةً فاعلةً في مشهد تسويق الضيافة في مصر، وتشارك بنشاط في مبادرات تمكين الشباب والمبادرات السياسية. ولا تزال مها متحدثةً بارزةً في مؤتمرات القطاع ومنتديات الشباب، حيث تشارك رحلتها ورؤاها حول مستقبل السياحة، والعلامات التجارية الرقمية، والقيادة.
في حين يتطلع قطاع السياحة في مصر إلى التعافي والنمو في حقبة ما بعد الجائحة، لا شك أن قادةً مثل مها أبو الوفا رشوان سيكونون في طليعة هذا المشهد، يقودون التغيير، ويرسمون ملامح المستقبل، ويتركون بصمةً لا تُمحى على مستقبل البلاد.
في النهاية.. قصة مها أبو الوفا.. مزيج بين الامتيازات والطموح والخدمة العامة
تُشكل قصة حياة مها أبو الوفا رشوان مزيجٌ رائعٌ من الامتيازات والطموح والخدمة العامة، وتؤكد لنا، رغم خلفيتنا، فإن خياراتنا وشغفنا ومثابرتنا هي التي تُحددنا.
لمن يحلمون بوظائف في مجال الضيافة أو التسويق أو السياسة، تُمثّل رحلة مها منارةً للإمكانات، دليلاً على أنه بالرؤية والإصرار، يُمكن تحويل كل تحدٍّ إلى فرصة.