عاجل

مصر تستعد لتشغيل مجمع أسيوط الجديد.. خطوة نحو الاكتفاء الذاتي من الوقود

تعبيريه
تعبيريه

في خطوة هامة نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الوقود وتقليل الاعتماد على الاستيراد، أعلن مسؤول حكومي أن شركة أسيوط الوطنية لتصنيع البترول (أنوبك) الحكومية تعتزم بدء التشغيل التجريبي لمجمع التكسير الهيدروجيني للمازوت في أسيوط (جنوب القاهرة) خلال الربع الأخير من عام 2026.

ووفقًا لما نقلته وكالة "الشرق"، يهدف هذا المشروع الضخم إلى إنتاج نحو 2.5 مليون طن من السولار، و400 ألف طن من النافتا، و100 ألف طن من البوتاجاز، بالإضافة إلى 300 ألف طن من الفحم و66 ألف طن من الكبريت سنويًا. ومن المتوقع أن يغطي إنتاج المجمع احتياجات محافظات صعيد مصر من الوقود بشكل كامل، مما سيساهم بشكل كبير في تقليص فاتورة الواردات المصرية.

مشروع استراتيجى لتحويل المازورت ورفع قيمته المضافة 

ويعتبر المجمع الجديد مشروعًا استراتيجيًا، حيث سيعمل على تحويل المازوت منخفض القيمة الناتج عن شركة أسيوط لتكرير البترول المصرية إلى منتجات بترولية عالية القيمة تتوافق مع المعايير البيئية العالمية. 

ويتكون المجمع من خمس وحدات رئيسية تشمل وحدة لإنتاج الهيدروجين، وأخرى لاستخلاص الكبريت، بالإضافة إلى وحدات للمعالجة الهيدروجينية والتكسير الهيدروجيني، مدعومة بنحو ثماني وحدات مساندة.

-التكلفة الاستثمارية للمشروع

وأوضح المسؤول الحكومي أن نسبة الإنجاز في المشروع بلغت 82% بنهاية شهر مارس الماضي، مشيرًا إلى أن المستهدف هو الانتهاء من أعمال البناء قبل منتصف عام 2026.

وقد ارتفعت التكلفة الاستثمارية للمشروع لتبلغ نحو 3.1 مليار دولار، مقارنة بـ 2.8 مليار دولار كانت مستهدفة في عام 2022، وذلك نتيجة للتقلبات في سعر الصرف وارتفاع تكلفة المكونات المستوردة. ويُذكر أن المكون المحلي في المشروع يبلغ نحو 40%.

-اتفاقيات اخري للتمويل 

وفي فبراير من عام 2022، قامت شركة "أنوبك" بتوقيع اتفاقيات تمويل للمشروع بقيمة حوالي 1.5 مليار دولار مع ست مؤسسات مالية دولية كبرى، من بينها "كريدي أجريكول" و"يوني كريديت" و"إتش إس بي سي"، وذلك بضمان من وكالة "ساتشي" الإيطالية لتنمية الصادرات.

وتعلق وزارة البترول آمالًا كبيرة على هذا المشروع، بالإضافة إلى التوسعات الجارية في معمل "ميدور" ووحدة تقطير المكثفات في شركة "النصر للبترول"، في تلبية الطلب المحلي المتزايد على الوقود وتقليل الاعتماد على الاستيراد.

ويعد قطاع البترول والثروة المعدنية أحد الركائز الأساسية للاقتصاد المصري، حيث يساهم في توفير جزء كبير من احتياجات البلاد من الطاقة، بالإضافة إلى كونه مصدرًا رئيسيًا للعملة الصعبة من خلال صادرات الغاز الطبيعي. 

وفي ظل التحديات العالمية المتزايدة بسبب تقلبات أسعار النفط، تبنت وزارة البترول المصرية خطة استراتيجية شاملة تهدف إلى تأمين احتياجات السوق المحلي من المنتجات البترولية وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة.

خبراء يشيدون بالمشروعات الجديدة

من جانبه، وصف خبير البترول والطاقة علي حليوة المشروعات الحالية التي تنفذها الوزارة في مجال التكرير بأنها تمثل نقلة نوعية في القطاع. وأشار إلى أن مصر عانت لسنوات من فجوة بين الإنتاج المحلي للمنتجات البترولية والاستهلاك المتزايد، لكن الوزارة نجحت في سد جزء كبير من هذه الفجوة من خلال تحديث معامل التكرير القائمة وإنشاء مشروعات جديدة مثل توسعات معمل ميدور ومجمع أنوبك لإنتاج السولار ومشروع إنتاج البنزين عالي الأوكتين في أسيوط الذي يلبي احتياجات سكان الصعيد بإنتاج يصل إلى 800 ألف طن سنويًا.

وأوضح حليوة لـ نيوز رووم، أن استثمارات توسعات معمل ميدور تصل إلى 2.4 مليار دولار ومن المتوقع أن تضيف 60% إلى الطاقة التكريرية للمعمل، بينما تبلغ استثمارات مجمع أنوبك لإنتاج السولار 2.9 مليار دولار، مما يجعله أحد أكبر المشروعات في صعيد مصر.

كما أكد على الأهمية الحاسمة لتطوير البنية التحتية لنقل وتخزين المنتجات البترولية في تأمين الإمدادات للسوق المحلي، مشيرًا إلى أن إنشاء خطوط نقل جديدة بإجمالي أطوال 295 كيلومترًا وإضافة مستودعين جديدين بسعة 10 آلاف متر مكعب لكل منهما، بالإضافة إلى تطوير موانئ البترول، سيساهم في تحسين كفاءة التوزيع وتقليل الفاقد.

التحديات والحلول

في سياق متصل، أشار خبير البترول إلى أن تقلبات أسعار النفط العالمية تمثل تحديًا كبيرًا يؤثر على تكلفة الاستيراد. 

ومن جانبه، أوضح الدكتور رمضان أبو العلا، أستاذ هندسة البترول والطاقة، أهمية إدخال التقنيات الحديثة في معامل التكرير لتقليل الفاقد وزيادة إنتاجية المواد عالية القيمة.

وكشف الدكتور أبو العلا أن الحكومة أبرمت 119 اتفاقية جديدة مع شركات عالمية للتنقيب عن البترول والغاز، مما يمثل دافعًا كبيرًا لجذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الاحتياطيات، والتي أسفرت عن إضافة أكثر من 63 بئرًا منتجة العام الماضي وزيادة احتياطيات الغاز الطبيعي إلى 90 تريليون قدم مكعب. وأكد أن الخطة الحالية ستساعد في تحويل مصر إلى مركز إقليمي للطاقة.

أهمية صناعة البتروكيماويات والطاقة النظيفة:

من جهته، أكد الدكتور سيد خضر، الخبير الاقتصادي، على أن صناعة البتروكيماويات من القطاعات ذات القيمة المضافة العالية، وأن التوسع فيها سيساهم في توفير المواد الخام للصناعات الأخرى وتقليل الاعتماد على الواردات. وأشار إلى مشروعات كبرى قيد التنفيذ في هذا المجال مثل مجمع البحر الأحمر للبتروكيماويات باستثمارات تصل إلى 7.5 مليار دولار ومشروع إنتاج مشتقات الميثانول.

وشدد الدكتور خضر على ضرورة ربط قطاع البترول بسياسات حماية البيئة والتحول نحو مصادر طاقة أقل تأثيرًا على المناخ، مشيرًا إلى مشروعات الوقود الحيوي الجاري تنفيذها مثل مشروع الإيثانول الحيوي الذي يهدف إلى إنتاج 100 ألف طن سنويًا من المخلفات الزراعية. وأضاف أن هذه المشروعات الطموحة تتطلب استثمارات كبيرة، مما يستدعي تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة لتخفيف الضغط على قطاع البترول.

ويمثل بدء التشغيل التجريبي لمجمع التكسير الهيدروجيني للمازوت في أسيوط خطوة محورية في استراتيجية مصر لتعزيز أمن الطاقة وتحقيق التنمية المستدامة.

تم نسخ الرابط