كيف تتعامل الأم مع أزمة التحرش بالأطفال؟.. خبراء يجيبون

بعد تزايد حالات التحرش بالأطفال بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، حمل خبراء الأم المسئولية الأكبر، وأكدوا أنه يقع عاتقها دورًا كبيرًا في توعية الطفل ومساعدته على التخطي من هذه الأزمة.
وقالت أستاذ دكتور سامية خضر صالح، أستاذة علم الاجتماع كلية التريبة جامعة عين شمس، إننا نُسلط الضوء حاليًا على أزمة التحرش بالأطفال بسبب أزمة طفل دمنهور الأخيرة، ولكن يجب أن نعي جيدًا أن هذه الحالات تحدث في جميع دول العالم بلا استثناء، رغم أن هذه الدول منفتحة، إلا أن مثل هذه الحوادث تتكرر، ولكن يختلف الأمر من أسرة لأسرة.
أهمية دور الأم
وأكدت أستاذ علم الاجتماع خلال تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن المسئولية الأكبر تقع على عاتق الأم تحديدًا، وطالبتها بأن تتواجد مع الأطفال في جميع تحركاتهم سواء الذهاب إلى المدرسة والعودة للبيت أو النادي والدروس وغيرها.
وأشارت الدكتورة سامية خضر، إلى أن عدم توعية الأطفال هو السبب الرئيسي لحوادث التحرش، وأضافت: "يجب على أسرة الطفل أن تتولى توعيته بشكل كبير، على سبيل المثال؛ تُحذير الأطفال من دخول الحمامات في الشارع بمفردهم تحت أي ظرف، ألا يذهب مع أي فرد لشراء الحلويات".
وواصلت: "الأهم الأم ثم الأم ثم الأم ثم الأب، الأم عليها دور كبير، ويجب أن تكون واعية، ولا تنشغل بالعمل أو تتحجج بكثرة الأطفال، لذلك يكفي إنجاب طفل أو طفلين فقط لكل أسرة حتى يكون لدى الأم الوقت لمتابعتهم، فالبعض ينجب كثيرًا خاصة من الطبقات الفقيرة بحثًا عن عزوة أو إنجاب ولد، ولا يهتموا بالتربية والتوعية، ومعظم الأمهات تعمل، فالأب يعمل والأم تعمل والحياة أصبحت سريعة وصعبة عكس الماضي".
وشددت مجددًا على أهمية دور الأم ووعيها، وأكدت أن هذا الأمر غير مرتبط بالشهادات فلا يجب أن تكون معها ثانوية عامة أو خريجة جامعة وتحمل الدكتوراه، لكن يجب أن تكون واعية لأهمية الأسرة والأطفال وتعي ضرورة عدم الإنجاب كثيرًا وعقلها وفكرها، مضيفة: "يجب أن تفهم الطفل من الصغر، والعين تكون عليه باستمرار حتى يكبر ويتخرج".
وقالت أستاذ علم الاجتماع: "طالما رُزقت أسرة بطفل، يجب أن تعي جيدًا أنه أمانة، عليها مراعاته وتوعيته ومتابعته بشكل مستمر، خاصة البيئة البسيطة كثير منهم بيخلف 4 و5 مرات، معندهمش وقت يتكلموا مع أولادهم، وهذا خطأ كبير".
حلول للتعامل مع تكرار حالات التحرش
وتابعت أستاذ علم الاجتماع: "أول أمر، يجب التوعية بشكل مستمر، كل ما تكوني نازلة من البيت طول الوقت توعي الطفل محدش يحط إيده كده؛ محدش يلمسك غير بابا وماما، تكرار هذا الكلام بشكل مستمر يخلي الأطفال تحفظها".
الأمر الثاني كما ترى الدكتورة سامية خضر، هو ضرورة الحديث في هذه الموضوعات خلال القعدات الدينية سواء الإسلامية أو المسيحية، وتوعية الأطفال خلالها بضرورة عدم لمس مناطق معينة، وأن ذلك جريمة بشعة لأن الطفل لن ينساها طوال عمره وستُصبح عُقدة لديه وهذا أمر في منتهى الخطورة.
وبشأن دور رجال الدين تجاه الجاني، قالت: "هذا الشخص الذي ينزل إلى هذا المستوى ويتحول لـ"حيوان ناطق"، هنا يظهر دور الإعلام ورجال ونساء الدين التوعية المستمرة، فعندما يُطالبوننا بمساعدة الفقير والمحتاج، ونحن نسمع بنصيحتهم، لازم يوعوا أن هذا الأمر في منتهى الخطورة ويحول الإنسان إلى حيوان، وهذا الأمر سيكون عقابه كبير جدًا، وتخوف الناس من هذا الموضوع".
دور الإعلام في حل الأزمة
وتُضيف "خضر": "الأمر الثالث، احنا بنتكسف نتكلم في هذه الأمور في الصحف والإعلام، نحتاج أن نتحدث في هذا الأمر عبر المنصات المختلفة، ولكن بطريقة غير مثيرة، فلا نحضر حالة من حالات الصراع بين الطفل وشخص يعتدي عليه في مشهد على التلفزيون مدته 10 دقائق مثلًا بحجة التوعية، لا نُريد هذه الطريقة، لكن بطريقة بسيطة جدًا جدًا، يخرج أستاذ علم نفس أو أستاذ علم اجتماع أو أستاذ دين يوضح الأمر ويُشير إلى التوعية من الأب والأم، ومهم أيضًا نحن في مجتمع به جميع الطبقات، وهناك أيضًا الغني نفسيًا وعقليًا وفي الفقير عقليًا ونفسيًا، لكن نحتاج التوعية، هذا الأمر يحدث في جميع الدول".
وتُشدد أستاذ علم الاجتماع على أهمية التوعية، وأضافت: "توعية الولد أو البنت تقوي قدرتهم على الرفض والوعي بالصح والخطأ لازم الأم تفهمه، ولا نضع ثقتنا في شخص بحجة أنه طباخ لدينا منذ سنوات ثم يقتل أو يسرق، لا يمكن أن تظبط أخلاق أي إنسان إلا داخل الأسرة، ولا يمكن أن تحكم على الجميع وتغير من سلوكياته، ولكن من يستطيع فعل ذلك هو الإعلام ثم الإعلام ثم الإعلام".
وتابعت: "كلنا سعداء بأن الرئيس عبد الفتاح السيسي صرح بأنه يُريد دراما هادفة زي زمان، مثلًا مسلسل أسرة ونيس نحتاجه، ولكن بطريقة بسيطة لماحة ولا نخرج منه مشاهد جنسية، إلا أن بعض المخرجين يستغلون الأمر؛ فيكفي فقط أن تظهر الأم في مشهد وتوضح لابنتها أن ممنوع أن يسلمها أي فرد، أحيانًا بعض المخرجين من لم نثق فيهم كثيرًا، يستغل الموقف ويخرج بمشاهد جريئة مبررًا إياها بأنها للتوعية، وتكون غير متوافقة مع المجتمع".
أهمية حملات التوعية
وفيما يتعلق بأبرز الحلول المقترحة لأزمة تكرار حوادث التحرش بالأطفال، طالبت بضرورة عودة حملات التوعية، وأكدت أنها كانت تلعب دورًا هامًا في وقت سابق، وكانت يتأثر بها جميع طبقات المجتمع، مبدية استغرابها من اختفاء هذه النوعية من الحملات والإعلانات، وأضافت: "مثلًا فؤاد المهندس لما عمل بابا عبده وكان بيطلع يقول 2 وبس، نحتاج ناس لطيفة لعمل مثل هذه الإعلانات".
واستكملت أستاذ علم الاجتماع تصريحاتها قائلة: "وأنا لازلت أتذكر إعلان ست سنية سايبة المايه ترخ ترخ من الحنفية للتوعية، الأمر أصبح مرسوم في مخيلتي، ووقف مثل هذه الإعلانات خسارة على البلد، إعلانات قديمة ولكن لا تُنسى وتترك انطباعًا في الوجدان، الإعلانات البسيطة أحسن من الإعلانات التي نراها حاليًا".
ونصحت الدكتورة سامية خضر، الآباء والأمهات بتوعية الأطفال قبل النزول لركوب الباص أو مقابلة أصدقائهم، ودعمهم بكلمات تحفيزية، وقالت: "لازم يقولولهم لو حاول أي شخص التقرب منكم، أنت قوي خليك جامد متسكتش لحد، كلمات تمنحهم قوة وقدرة وشخصية يستطيع التصدي لأي فرد يدافع عن نفسه وجسمه، وأحمل الأم مسئولية أكثر لأنها دائمًا مع الأطفال وبالحنان وفكر هادي وعقلانية وليس العصبية تتعامل معهم في هذا الأمر".
وفي ختام تصريحاتها الخاصة، قالت: "أعلن أن هذا الأمر غير بسيط ولكن منتشر، فهو يحدث في العالم كله وليس مصر فقط، مشكلتنا أننا نثق في أي فرد يعمل معنا ونعتبره من العائلة، يجب أن نكون مستيقظين دائمًا، ولكن احنا كنا مريحين شوية ولا نتحدث عنه، إلا أن واقعة طفل دمنهور أنقذتنا، فرصة أن احنا نستيقظ مرة أخرى ونعلم أن الطفل ليس مجرد ضيف جديد في البيت، ولكن في مسئولية كبيرة جدًا.. ولذلك أؤكد أرجوكم طفلين على الأكثر كفاية".
نصائح للتعامل مع الأطفال
ومن جانبه، قدم الدكتور وليد هندي استشاري الصحة النفسية، نصائح للآباء والأمهات بشأن التعامل مع الأطفال، وقال في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم": "لاشك أن أزمة تعرض الأطفال للاعتداء والانتهاك الجنسي يكون لها مجموعة من الأثار النفسية العميقة التي من الممكن أن تظل مستمرة إلى أبد الزمان، والتعامل النفسي مع الطفل الذي يتم التحرش به مهم جدًا لمعرفة الأزمة".
وشدد استشاري الصحة النفسية على أن التعامل النفسي يُخفف من حدة الأزمة ويدخل الطفل في بوتقة المجتمع، والتأخير في التأهيل يزيد من عمق الجرح، لذلك مهم من اللحظة الأولى إن الأم عندما ترى بعض الأعراض السلوكية على الطفل وتعرف إنه تم التحرش به أو هو من يحكي؛ يكون في جسور من التواصل الإنساني تتكلم معاه وتسمعه عشان يثق فيها ويقول كل اللي عنده".
وأضاف "هندي": "أقول للأمهات لما يجي أبنك يحكيلك تماسكي بلاش الخضة والعصبية والتهويل، أتقلي شوية بلاش هول الصدمة يخوف الطفل ويشعره بالذعر، يجب التماسك وعدم الانفعال، شجعي ابنك على الكلام وإنه يحكي، وتجنبي إظهار الشعور بالغضب، ويجب أن نصدق الطفل في كلامه، بلاش طريقة الاستجواب لازم يحس بالأمان عشان يحكي ويقول المشاعر السلبية".
ونصح الأم أن تكون منتبهه لكلام الطفل، وتعمل على تهدئته، وتؤكد له أنها ستحصل على حقه، وأضاف" "ابدئي بعلاجه من الناحية الجسدية ممكن يكون في التهابات أو خدوش وغيرها اهتمي به، مع التصدي لمن تحرش به بكل قوة وضراوة لأنه يشفي غليل الطفل وبيحس والأمن النفسي أنه مش لوحده، ولو انتي فشلتي تتعاملي معاه في ما بعد الأزمة لازم اللجوء لمتخصص".
وتابع الدكتور وليد هندي: "مهم التهيئة لإعادة الثقة للطفل من خلال التشجيع الابتساامة في وشه النوم جنب الأم في الفترة الأولى ينام والنور منور في الفترة الأولى مهم جدًا، تحسسيه بالحب لأنه بيكون عنده مشاعر متعلقة بالجنس، فيعرف إن الحب حاجة والجنس حاجة".
وأكد على أهمية وجود روتين ثابت للطفل، وقال: "لازم ينام في وقت معين ويفطر في وقت معين وهكذا، لأن ذلك يمنحه شعورًا بالأمان والثقة، ويساعده ينسى أي أحداث لأن بيكون عنده آلية ثابتة ومنظمة في الحياة، بجانب أهمية ممارسة نشاط بعد الأزمة، وأحسن حاجة ممكن يمارسها الرسم، الرسم الإسقاطي والتلوين لإخراج مشاعره المكبوتة".
دور المجتمع
وتحدث الدكتور وليد هندي على دور المجتمع في أزمة تعرض الأطفال للتحرش، قائلًا: "مطلوب منه أن يكون داعمًا ومساندًا، وليس عبء على الطفل، ولا يتم ذكر اسمه، وأن يكون هناك مبادرات مشجعة وكلمات محفزة مثل أنت ابننا وأنت لست وحدك، وأن يكون هناك مبادرات من مشاهير فنانين أو لاعبي الكرة، كل ذلك يساعد الطفل على النجاح وتجاوز الأزمة".
وتابع: "مهم جدًا لا نضغط على الطفل، لأن ما يحدث من عدم مصداقية من المجتمع ومن حوله تؤثر عليه، كما أن البعض يتطوع معه بجدية، ولكن البعض الآخر يُريد الاستعراض أو تحقيق مكتسبات سياسية أو انتخابات أو يحصل على مكانة زي المتاجرة باليتامى والفقراء، لازم إبعادهم عن المشهد بيزود عبء نفسي حتى لا يكون عرضه للتنمر، ويجب وجود محامين متطوعين وقادة فكر متطوعين ومساندين يتعاملوا معاه كانه ابنهم".
وأشار إلى أهمية تبني الطفل من الهيئات إذا كان لديه موهبة ويتم استضافته باعتباره لديه قضية مجتمعية وأيقونة لزملائه، مضيفًا: "المهم المدرسة تدعمه، تطلع في الطابور وتشيد به وبأخلاقياته أو يكون هناك شهادة تقدير لا تكون في موقف خلافي معه حتى وإن كان في مشكلة قانونية، فالتعامل النفسي السريع مع الطفل مهم جدًا لو تركناه أو تعاملنا بعشوائية أو صورة غير منظمة هتسيب عنده عميق الأثر النفسي".
أبرز علامات التحرش بالأطفال
ولفت استشاري الصحة النفسية، إلى أن طفل من كل 10 أطفال حول العالم يتعرض للاعتداء الجنسي والانتهاك الجنسي مش مجرد تحرش بحسب إحصائية عالمية في عام 2013، لذلك يجب الامهات يكون لديها وعي تشوف التغيرات النفسية والسلوكية التي تطرأ على الطفل بتديهم مؤشر أن الطفل تعرض للتحرش.
وعن أهم المتغيرات التي تحدث وتدل على التحرش بالأطفال أو تعرضه لانتهاك، قال: "المتحرش بيكون من المقربين، السواد الأعظم بيكونوا من الأشخاص داخل دائرة الثقة وبنسيب الأطفال معاهم مثل الأقارب، العمالة، بعض المعلمين ورجال الدين في بعض الأحيان، فالمتحرش بيكون شايف الطفل وبيعمل مرحلة اسمها التودد يقرب منه ويلعب معاه ويكتسب ثقته وبيقبي مصدر التحرش".
أهم علامة حسبما أوضح الدكتور وليد هندي، أن الطفل الذي تعرض للتحرش يرفض الذهاب إلى شخص بعينه من المقربين أو يخاف منه مش عايز يروحله ومش عايز يروح الأماكن اللي فيها الرجل ده، لأنه بالنسبة له مرعب ومرتبط بالمتحرش.
وواصل: "المعروف أن الأطفال بتحب الحكي إلا الوقت اللي قضاه مع من اعتدى عليه مش بيتكلم يخفي التفاصيل أول ما بيتعرضوا للاعتداء دائمًا ساكتين على جنب، وممكن الصمت الغير معتاد منهم يصل إلى الخرس الاختياري مش بيتكلموا، يبص بعينه بس علامات شرود وسرحان وقلقان، بجانب سلوكيات النقوص مثل مص الأصابع والتبول اللا إرادي مع اضطرابات النوم غالبًا بتاخد شكل النوم الكثير للهروب والانسحاب الاجتماعي".
واستكمل: "اضطرابات الطعام نقص أو ياكل كتير بس غالبًا بياكل كتير، وبيكون عصبي ومنفعل، لما ينام بيكون في كوابيس وأحلام مزعجة بشكل متكرر، ويستجد مخاوف جديدة بقى يخاف من الضلمة أو أماكن مغلقة، ويكون الطفل إما متمردًا للوالدين أو مطيعًا بشكل شديد، كما أنه يخاف تغيير ملابسه أمام أهله، وتظهر علامات خوف من الأماكن العامة، ويتحدث في موضوعات فوق إداركه والبعض مما يتعرض للاعتداء يكون عندهم إيماءات وإيحاءات جنسية وألفاظ غير لائقة".