كشمير على حافة الاشتعال .. ترقّب واستعداد للحرب على جانبي خط السيطرة

في ظل تصاعد التوترات بين الهند وباكستان، تعيش منطقة كشمير حالة من القلق والترقّب على جانبي خط السيطرة، الخط الفاصل بين الشطرين المتنازع عليهما، وبات الاستعداد في القرى الواقعة بمحاذاة هذا الخط، لأي تصعيد عسكري جزءًا من الحياة اليومية، حيث تتزايد المخاوف من اندلاع مواجهة جديدة قد تعصف بأمن واستقرار السكان المدنيين.
وأودى الهجوم الأخير بحياة عشرات السياح في منطقة جبلية أثار موجة من الاتهامات المتبادلة بين الجارتين النوويتين، ما زاد من التوتر في المنطقة المعروفة أصلاً باضطراباتها، وبينما تتهم نيودلهي إسلام آباد بالضلوع في الهجوم، ترد الأخيرة باتهامات مضادة وتحذيرات من تحرّك عسكري وشيك، وفي خضم هذه الأزمة، يعيش المدنيون حالة طوارئ صامتة، يستعدون فيها لكل الاحتمالات.
كشمير على حافة الاشتعال
في مشهد يعكس هشاشة الوضع، تبرز مظاهر التأهب في كل زاوية؛ من إقامة الملاجئ داخل المنازل، إلى تخزين المؤن، وتعليق الدراسة وإغلاق المعاهد، كلها مؤشرات على أن شبح الحرب لا يلوح فقط في الأفق، بل أصبح أقرب من أي وقت مضى، في انتظار شرارة قد تشعل جبهة منسية لا تعرف الاستقرار، وفقًا لرويترز.
وبينما تقود المعلمات في قرية تشوراندا الواقعة في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية طلاب المدارس في صلاة الصباح، فإنهن يتضرعن ألا يُستبدل صوت أشجار الجوز المتمايلة وهديل الطيور بزئير المدفعية.
ورغم استمرار الحضور المدرسي كالمعتاد، إلا أن الخوف بين الآباء يتصاعد، كما يقول المعلم فاروق أحمد، عقب الهجوم المميت على السياح، والذي أثار مخاوف متزايدة على جانبي خط السيطرة من أن يؤدي إلى اندلاع صراع جديد.
وتعيش الهند وباكستان، اللتان خاضتا حربين وعدد لا يحصى من الاشتباكات حول كشمير، حالة من التوتر الدائم، وقد أصبح سكان المنطقة معتادين على الانتظار والمراقبة بقلق كلما تصاعدت حدة التوتر بين الجارتين النوويتين.
حادث كشمير
في الهجوم الأخير، الذي وقع على منطقة جبلية خلابة، قُتل ما لا يقل عن 26 سائحًا على يد مسلحين مشتبه بهم، وقد ألقت الهند باللوم على باكستان، التي نفت مسؤوليتها عن الحادث، وأكدت أن لديها معلومات استخباراتية موثوقة تُشير إلى نية الهند شنّ عمل عسكري قريبًا.
ومن قرية تشوراندا، يمكن رؤية الجنود الباكستانيين والهنود متمركزين في مواقعهم العسكرية على الخط الفاصل، ويقول كبار السن في القرية إن 18 شخصًا على الأقل قُتلوا في تبادل إطلاق النار بين الجانبين خلال العقود الماضية.
وقال عبد العزيز، وهو شاب يبلغ من العمر 25 عامًا ويقيم في القرية: "توجد في القرية ستة مخابئ لـ1500 نسمة، وكلا الجانبين يهددان بعضهما البعض، وإذا حدث تصعيد حدودي، إلى أين سنذهب؟، والخوف موجود لأن هذه القرية هي الأكثر تضررًا".
الاستعداد لشهرين من الحصار
على الجانب الآخر من خط السيطرة، في كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية، يستعد سكان قرية تشاكوثي لأسوأ السيناريوهات، حيث شيّدوا ملاجئ محصنة على سفوح التلال قرب منازلهم.
ويقول فايزان أنايات، شاب يبلغ من العمر 22 عامًا ويعمل فني تكييف في روالبندي، خلال زيارته لعائلته في القرية: "لقد بنى الناس مخابئ في منازلهم، ويذهبون إليها كلما وقع إطلاق نار".
وفي مشهد يعكس التعايش مع الخطر، كان محمد نذير، البالغ من العمر 73 عامًا، يأخذ استراحة من تحصين المخبأ لأداء صلاة الجمعة، بينما يلعب أطفال عائلته الكريكيت قرب مدخله، ويقول بثقة: "نحن لسنا خائفين من أي شيء، وكل واحد من أطفالنا جاهز".
أما في مظفر آباد، عاصمة كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية، فقد أعلنت السلطات أنها أعدّت صندوق طوارئ بقيمة مليار روبية باكستانية (3.5 مليون دولار)، وأرسلت كميات كافية من الغذاء والماء والإمدادات الصحية إلى القرى المحاذية لخط السيطرة تكفي لمدة شهرين.
وأعلنت السلطات، أمس الخميس، إغلاق جميع المعاهد الدينية في المنطقة لمدة 10 أيام، بسبب مخاوف من إمكانية استهدافها في حال وقوع ضربات هندية.
كما أفاد مكتب رئيس وزراء كشمير الخاضعة للإدارة الباكستانية بأنه تم نقل معدات إصلاح إلى المناطق القريبة من خط السيطرة لإصلاح الأضرار المحتملة، مع توجيه تعليمات إلى فرق الإنقاذ والدفاع المدني لتكون في حالة تأهب قصوى.
استعدادات إنسانية لموجة نزوح
من جهتها، أعلنت جولزار فاطمة، رئيسة فرع كشمير للهلال الأحمر الباكستاني، أن المنظمة بدأت في تعبئة الإمدادات والكوادر، بما في ذلك فرق الإسعافات الأولية، فور بدء تصاعد التوترات.
وأضافت أنه في حال وقوع عمل عسكري هندي، فإنهم يتوقعون حركة نزوح كبيرة من المناطق الحدودية، ويقومون حالياً بإعداد مخيمات تضم خياماً ومستلزمات نظافة وأدوات طهي تكفي لـ500 أسرة على الأقل.