رصد انتشار صامت لـ إنفلونزا الطيور شديد الضراوة بين الأبقار في أمريكا

في تطور مثير للقلق على صعيد الصحة الحيوانية والعامة، أعلن المركز الوطني لأمراض الحيوان التابع لإدارة الزراعة الأمريكية، بالتعاون مع عدد من الجهات الأكاديمية، عن تسجيل انتشار صامت لفيروس إنفلونزا الطيور شديد الضراوة من نوع A (H5N1) بين الأبقار الحلوب في الولايات المتحدة.
انتقال إنفلونزا الطيور البرية إلى الأبقار
أوضحت التحليلات الجينية أن الفيروس خضع لعملية إعادة توزيع للجينات بين الطيور البرية قبل انتقال إنفلونزا الطيور إلى الأبقار، وهو ما مكّن الأبقار المصابة – سواء ظهرت عليها أعراض أم لا – من نقل العدوى إلى مناطق مختلفة في الولايات المتحدة.
وتُظهر التسلسلات الجينية التي تم تحليلها أن الفيروس بدأ يتكيف تدريجياً مع الثدييات، مما يثير قلقًا متزايدًا بشأن احتمالية انتشاره لاحقًا بين أنواع أخرى من الحيوانات، بل وربما إلى البشر.
خسائر زراعية ومخاوف صحية عامة
تُعد فيروسات إنفلونزا الطيور شديدة الضراوة من المهددات الكبيرة لصحة الحيوان وللاقتصاد الزراعي، وقد يؤدي انتشارها إلى تفشيات وبائية مدمرة، ومنذ أواخر 2021، تسببت سلالة H5N1 (2.3.4.4b) في حالات نفوق واسعة في الطيور البرية والدواجن بأمريكا الشمالية، ما زاد من القلق بشأن قدرتها على عبور الحواجز البيولوجية بين الأنواع.
تحقيق جينومي لتتبع انتشار الفيروس
أجرى فريق من الباحثين تحقيقًا جينوميًا ووبائيًا موسعًا، شمل عينات من 26 مزرعة ألبان في 8 ولايات، بالإضافة إلى 6 مزارع دواجن في 3 ولايات أخرى، وتم تسلسل الجينوم الكامل للعينات المأخوذة من الأبقار والدواجن، كما استعان الفريق بتحليلات فيزيولوجية ونمذجة تطورية لتحديد مسار انتشار العدوى.
وأظهرت النتائج وجود الفيروس من النمط الجيني B3.13 في عينات الحليب، بينما كانت اكتشافات الفيروس في مسحات الأنف محدودة.
وتشير التحليلات إلى أن الفيروس انتقل من الطيور البرية إلى الأبقار مرة واحدة فقط في أواخر 2023، ثم استمر في الانتشار بين الماشية بشكل صامت حتى مارس 2024.
انتقال العدوى إلى أنواع حيوانية أخرى
أثبتت البيانات أن الفيروس امتد بعد دخوله الأبقار إلى الدواجن، بالإضافة إلى حيوانات برية أخرى مثل الراكون والقطط، مما يعزز فرضية قدرته على الانتقال بين الأنواع.
وتم تسجيل إصابة أحد عمال الألبان بنمط وراثي مشابه للفيروس الموجود في الماشية، مما يرجح انتقال العدوى عبر الأبقار، رغم عدم استبعاد احتمال وجود مضيف وسيط لم تُؤخذ منه عينات.
خطر انتقال الفيروس إلى البشر
تشير الدراسات إلى أن الأبقار المصابة قد تفرز الفيروس لمدة تصل إلى ثلاثة أسابيع، ما يعزز احتمالية انتقاله إلى أنواع أخرى، كما كشفت التحليلات الجينية عن متغيرات منخفضة التردد تُعرف بارتباطها بزيادة الضراوة والقدرة على التكيف مع الثدييات، ما يُعد إشارة مبكرة لاحتمال تطور الفيروس ليصبح أكثر عدوى للبشر.
دعوة لمراقبة لصيقة وتحذيرات مستقبلية
حذرت الدراسة من أن توسع هذه المتحورات قد يزيد من فرص انتقال الفيروس من الحيوانات إلى الإنسان، مما يستدعي تعزيز أنظمة المراقبة البيطرية والوبائية في الولايات المتحدة ودول أخرى.
نُشرت نتائج الدراسة في مجلة Science، معتبرةً هذا الاكتشاف خطوة محورية في فهم سلوك فيروس H5N1 وقدرته على التحور والانتقال بين الأنواع.