أزمة المناخ تهدد سلاسل الإمداد.. هل يكون الذكاء الاصطناعي هو الحل؟

مع تزايد تأثيرات التغير المناخي، تواجه سلاسل الإمداد العالمية تحديات كبيرة تهدد استدامتها بسبب المناخ.
في مصنع Katty Fashion بمدينة ياش، رومانيا، تعتمد الشركة على مرونة عملياتها الإنتاجية لضمان تلبية طلبات العملاء المتنوعة، وهو ما قد يساعدها أيضًا في مواجهة الصدمات المناخية المستقبلية.
تشارك الشركة في مشروع أوروبي ممول يُعرف بـ R3GROUP، والذي يهدف إلى تعزيز قدرة الشركات على التكيف مع الاضطرابات الناتجة عن تغير المناخ وعوامل أخرى.
من خلال دراسة تفصيلية لسلسلة التوريد الخاصة بها، اكتشفت Katty Fashion أن بعض المناطق مثل إسبانيا والبرتغال قد تصبح أكثر عرضة لموجات الحر والجفاف، مما يؤثر على تدفق المواد الخام إليها.
لتجاوز هذه العقبات، تعمل الشركة على تطوير نموذج رقمي مزدوج لمحاكاة عمليات التصنيع وسلاسل الإمداد الخاصة بها، بحيث يمكن رصد نقاط الضعف والتكيف مع المتغيرات في الوقت الفعلي.
ويشمل ذلك اقتراح تعديلات على خطوط الإنتاج وجدولة الموظفين لضمان استمرارية العمل.
دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز المرونة
كشفت جائحة كوفيد-19 هشاشة سلاسل الإمداد العالمية، حيث اضطرت العديد من الشركات إلى إعادة توطين الإنتاج وتقليل الاعتماد على موردين بعيدين بسبب تعطل النقل والشحن.
كذلك، فرضت سياسات التعرفة الجمركية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تحديات جديدة على الشركات، مما دفع بعضها للبحث عن مناطق أقل تأثراً بهذه القرارات.
ومع تفاقم تغير المناخ، أصبح إيجاد حلول مستدامة أمرًا بالغ الأهمية. على سبيل المثال، تتسبب الجفاف في تايوان في اضطرابات كبيرة في تصنيع أشباه الموصلات، وهو ما يجعل الشركات بحاجة إلى أدوات ذكية مثل النماذج الرقمية المزدوجة لاستباق المشكلات المحتملة.
الحلول التقنية لمواجهة تحديات الإمداد
في إطار الجهود المبذولة لحماية سلاسل الإمداد، قدمت شركة Marsh McLennan نظامًا ذكيًا يُعرف بـ Sentrisk، والذي يستخدم نماذج لغوية متقدمة لتحليل مليارات الوثائق التجارية وتحديد مصادر المواد الخام وأماكن التصنيع.
كما يساعد النظام الشركات في اختيار مواقع أقل عرضة لنقص الموارد الطبيعية مثل المياه.
علاوة على ذلك، تعمل شركة Nvidia عبر منصة Earth-2 على تطوير أنظمة ذكاء اصطناعي تتيح التنبؤ بالكوارث الطبيعية مثل الجفاف والفيضانات بدقة أعلى، مما يساعد الشركات على اتخاذ قرارات استباقية لحماية سلاسل الإمداد الخاصة بها.
ومع استمرار تغير المناخ بوتيرة غير متوقعة، يبقى الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة أداة رئيسية لضمان استدامة سلاسل الإمداد العالمية، حيث تتجه الشركات نحو تعزيز استثماراتها في الحلول الرقمية لمواجهة المستقبل بمرونة أكبر.

جدير بالذكر أن أزمة المناخ تُعد واحدة من أكبر التحديات التي تواجه العالم اليوم، حيث تؤثر بشكل مباشر على البيئة، الاقتصاد، والصحة العامة. تتسبب الانبعاثات الناتجة عن النشاط الصناعي، واستخدام الوقود الأحفوري، وإزالة الغابات في ارتفاع درجات الحرارة العالمية، مما يؤدي إلى تغيرات مناخية غير متوقعة.
من أبرز مظاهر أزمة المناخ زيادة الكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والفيضانات والجفاف، التي تؤثر على المناطق الزراعية، وتقلل من وفرة الغذاء، وتهدد موارد المياه.
كما أن ذوبان الأنهار الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر يُعرض المدن الساحلية لخطر الفيضانات، ويؤثر على الحياة البحرية.
الجانب الاقتصادي لا يقل تأثرًا، حيث تواجه الصناعات تحديات كبيرة بسبب اضطرابات الطقس، مما يزيد من تكلفة الإنتاج ويؤدي إلى نزوح السكان في المناطق المتضررة.
كما أن انتشار الأمراض المرتبطة بالمناخ مثل ضربات الحرارة والأمراض التنفسية يعكس التأثير الصحي لهذه الأزمة.
ورغم هذه التحديات، هناك جهود عالمية متزايدة للحد من تأثيرات أزمة المناخ، عبر التحول نحو الطاقة النظيفة، وتعزيز استخدام التكنولوجيا في التنبؤ بالكوارث، وتبني سياسات بيئية أكثر استدامة. يبقى التعاون الدولي والتغيير في الأنماط الاستهلاكية ضروريًا لضمان مستقبل أكثر أمانًا واستقرارًا.