دراسة تكشف السبب الرئيسي لاضطراب التوحد وفرط الحركة

توصل علماء من كلية الطب بجامعة ميريلاند إلى اكتشاف مهم حول كيفية نمو أدمغة الأطفال، فقد وجدوا أن الإلتهاب في الجسم خلال مرحلة الطفولة يمكن أن يُغير طريقة نمو بعض خلايا الدماغ.
المسبب الرئيسي للتوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه
يُعد هذا اكتشافًا بالغ الأهمية لأنه قد يُساعدنا على فهم المزيد عن حالات مثل التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، والتي تُصيب العديد من الأطفال حول العالم.
وتحدث اضطرابات النمو العصبي، مثل التوحد واضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، عندما لا يتطور الدماغ بالشكل الطبيعي.
وقد يواجه الأطفال المصابون بهذه الاضطرابات صعوبة في التعلم أو التحدث أو تكوين صداقات أو التحكم في مشاعرهم، وقد حاول العلماء لسنوات طويلة تحديد أسباب هذه المشاكل بدقة، وتُضيف هذه الدراسة الجديدة جزءًا مهمًا من هذا اللغز.
تطور الدماغ البشري
يبدأ الدماغ البشري بالتطور حتى قبل ولادتنا، ويستمر في النمو والتغير طوال مرحلة الطفولة وحتى سنوات المراهقة، وداخل الدماغ تعمل مليارات الخلايا الدقيقة، التي تُسمى الخلايا العصبية، معًا لنتمكن من التفكير والحركة والشعور وفهم العالم من حولنا، ويُسمى أحد أجزاء الدماغ المهمة المخيخ.
وعلى الرغم من أن المخيخ يُعرف بمساعدتنا على الحركة بسلاسة والحفاظ على توازننا، إلا أنه يلعب أيضًا دورًا في تفكيرنا ولغتنا ومشاعرنا.
تأثير الالتهاب على نمو الدماغ
في هذه الدراسة، درس الباحثون عن كثب كيفية تأثير الالتهاب على نمو الدماغ، وخاصةً في المخيخ، حيث أن الالتهاب هو استجابة الجسم الطبيعية لمحاربة العدوى أو شفاء الإصابات.
في حين أن الالتهاب عادةً ما يكون مفيدًا، إلا أنه إذا حدث في الوقت أو المكان غير المناسبين - كما هو الحال خلال مراحل مهمة من نمو الدماغ - فقد يسبب مشاكل.
درس الباحثون أدمغة الأطفال الذين ماتوا إما بسبب العدوى أو حالات التهابية أخرى، وقارنوها بأدمغة الأطفال الذين ماتوا في حوادث، استخدموا أدوات متطورة لفحص الخلايا العصبية في المخيخ عن كثب.
ما وجدوه كان مذهلاً، لدى الأطفال الذين عانوا من الالتهاب، لم يتطور نوعان مهمان من الخلايا العصبية - يُطلق عليهما خلايا جولجي وخلايا بوركنجي - بشكل صحيح، هذه الخلايا العصبية مهمة جدًا لوظائف الدماغ.
خلايا جولجي وبوركنجي العصبية
تساعد خلايا جولجي العصبية على تنظيم التواصل بين خلايا الدماغ المختلفة، بينما ترسل خلايا بوركنجي العصبية إشارات من المخيخ إلى أجزاء أخرى من الدماغ تتحكم في التفكير والعواطف.
عندما لا تنضج هذه الخلايا العصبية كما ينبغي، فقد يؤدي ذلك إلى مشاكل في التعلم والسلوك والعواطف، قد يساعد هذا في تفسير سبب إصابة بعض الأطفال بحالات مثل التوحد أو اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه بعد أمراض الطفولة المبكرة أو أسباب أخرى للالتهاب.
يمنح هذا الاكتشاف العلماء أفكارًا جديدة حول كيفية ظهور اضطرابات النمو العصبي، كما أنه يبعث الأمل في أن يتمكن الأطباء يومًا ما من الوقاية من هذه الحالات أو علاجها من خلال إيجاد طرق لحماية الدماغ أثناء فترات الالتهاب.
أدمغتنا معقدة للغاية، ولا يزال أمام العلماء الكثير ليتعلموه حول كيفية نموها وما قد يطرأ عليها من مشاكل، لكن دراسات كهذه تقربنا خطوة أخرى من فهم هذه الألغاز، إن معرفة أن الالتهاب يمكن أن يتداخل مع مراحل مهمة من نمو الدماغ يمكن أن يغير نظرتنا إلى صحة الطفولة المبكرة.