عاجل

فى ذكرى رحيله.. نزار قباني أيقونة الشعر العربي ومُلهِم الأجيال بكلماته الخالدة

نزار قباني
نزار قباني

اليوم تُصادف ذكرى رحيل الشاعر السوري الكبير نزار قباني، أحد أبرز الأصوات الشعرية في العالم العربي، وصاحب التجربة الفريدة التي جمعت بين الرومانسية والواقعية، وبين العاطفة والسياسة.

 نزار الذي لقّب بـ"شاعر المرأة" و"قديس الكلمات"، لم يكن مجرد شاعر، بل حالة أدبية وفكرية استثنائية تركت إرثًا واسعًا تجاوز حدود الشعر ليصل إلى الأغنية والمسرح والخطاب الثقافي العربي. وعلى مدار مسيرته، قدّم أكثر من 35 ديوانًا شعريًا، وشكّلت كلماته جزءًا من الذاكرة الوجدانية لأجيال متعاقبة.

أبرز المعلومات عن نزار قباني 

وُلد نزار قباني في 21 مارس 1923 بمدينة دمشق، وسط بيئة فنية وثقافية أثرت في تكوينه المبكر، حيث كان جده لأبيه أبو خليل القباني رائد المسرح السوري، وهو ما ساعده على تطوير حسه الفني مبكرًا. تلقى نزار تعليمه في "الكلية العلمية الوطنية" قبل أن يلتحق بـجامعة دمشق ويحصل على ليسانس الحقوق عام 1945، ليبدأ بعدها مرحلة جديدة من حياته المهنية والدبلوماسية، حيث التحق بالسلك الدبلوماسي السوري، وعمل في عدة عواصم حول العالم من بينها القاهرة، أنقرة، بكين ومدريد، حتى استقال في عام 1966 ليتفرغ تمامًا للأدب والشعر.

بدأت رحلة نزار مع الشعر وهو في الحادية والعشرين من عمره، بإصدار ديوانه الأول "قالت لي السمراء" عام 1944، الذي أثار الجدل آنذاك بسبب صراحته في تناول موضوعات الحب والأنوثة. وبمرور السنوات، تحول نزار إلى مدرسة شعرية مستقلة، كتب فيها بأسلوب يمزج بين الشعر العمودي والتفعيلة الحرة، ولامس من خلالها قضايا القلب والروح والحرية والهوية، كما في دواوينه الشهيرة: "طفولة نهد"، "الرسم بالكلمات"، "يوميات امرأة لا تُنسى".

لكن ما بعد نكسة 1967 شكّل نقطة تحول كبيرة في مسيرته، حيث انحاز قباني إلى الخطاب السياسي النقدي، وسخّر كلماته لمهاجمة الاستبداد والتخاذل العربي، كما في ديوانه "هوامش على دفتر النكسة"، الذي واجه فيه ردود فعل غاضبة، جعلته في مرمى الرقابة والمنع في أكثر من بلد.

عُرف نزار قباني أيضًا بإسهاماته في الأغنية العربية، إذ تحوّلت قصائده إلى أعمال خالدة غنّتها أم كلثوم مثل "أصبح عندي الآن بندقية" و"رسالة عاجلة إليك"، كما غنت له نجاة الصغيرة وعبد الحليم حافظ وفيروز، لكن أحد أنجح تجاربه الغنائية كانت مع النجم العراقي كاظم الساهر، الذي لحّن وأدى أكثر من 23 قصيدة له، أبرزها: "إني خيرتك فاختاري"، "زيديني عشقًا"، و"مدرسة الحب"، لتشكل هذه الشراكة حالة فنية فريدة ربطت أجيالًا جديدة بأشعار نزار.

رحل نزار قباني عن عالمنا في 30 أبريل 1999، إثر أزمة قلبية داهمته أثناء إقامته في لندن، وبعد وفاته، نُقل جثمانه إلى وطنه سوريا تنفيذا لوصيته، وودّعته دمشق في جنازة مهيبة شارك فيها الآلاف من محبيه، إضافة إلى شعراء ومثقفين وفنانين، قبل أن يُوارى الثرى في مقبرة الباب الصغير إلى جوار والده.

رحل نزار جسدًا، لكن كلماته ما زالت تنبض بالحياة في دواوينه، وفي أغانٍ تصدح بها الحناجر، وفي كتب تُدرس في الجامعات، مؤكدة أن الشعر العظيم لا يموت، وأن "شاعر الحب والثورة" ما زال يعيش في وجدان الأمة.

تم نسخ الرابط