وزير الدفاع الأمريكي يُهاجم برنامج "المرأة والسلام والأمن"

تباهى وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيجسيث، عبر منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، بتفكيكه برنامج "المرأة والسلام والأمن" التابع لوزارة الدفاع، واصفًا إياه بأنه "برنامج تابع للأمم المتحدة تدعمه نسويات وناشطات يساريات. يُعجب به السياسيون ويكرهه الجنود".
والمفارقة أن هذا البرنامج تم تمريره بموجب قانون وقعه الرئيس دونالد ترامب بنفسه عام 2017، ويحمل صبغة تشريعية ثنائية الحزب.
أهداف البرنامج
ويركز البرنامج على دمج النساء في عمليات حفظ السلام وتحقيق الأمن، لا سيما في البيئات الأجنبية حيث قد يتعذر على الجنود الذكور التفاعل المباشر مع النساء لأسباب ثقافية أو دينية. ورغم تعليقات "هيجسيث" التي رأت فيه عبئًا على الجيش، أشار القادة العسكريون سابقًا إلى فائدته الاستراتيجية على الأرض.
وفي منشوره الذي أثار جدلًا واسعًا، وصف "هيجسيث" البرنامج بأنه مبادرة "واعية" ومثيرة للانقسام، تهدف إلى تعزيز "العدالة الاجتماعية" على حساب الكفاءة العسكرية، متعهدًا بالالتزام بالحد الأدنى من متطلبات الكونغرس بشأنه، مع السعي لإلغائه بالكامل.
غير أن وزارة الدفاع لم تصدر تعليقًا رسميًا بعد بشأن تصريحات الوزير، كما لم يرد ناطق باسم هيجسيث على استفسارات الصحفيين.

وأثناء جلسة استماع لتأكيد تعيينه هذا الشهر، دافع رئيس هيئة الأركان المشتركة، الجنرال دان كين، عن البرنامج، مشيرًا إلى فائدته في عمليات ما بعد الهجوم، حيث تتمكن العناصر النسائية من الحديث مع النساء والأطفال في الميدان، ما يساعد القوات الأمريكية في فهم الأوضاع الإنسانية بصورة أعمق وأكثر دقة.
وقال كين: "عندما نخرج إلى الميدان بعد انتهاء أي هجوم، يكون لدينا عضوات يتحدثن مع النساء والأطفال الموجودين على الهدف، ويساعدننا على فهم طبيعة الحياة البشرية بطريقة جديدة ومبتكرة".
ويبدو أن العلاقة الشخصية بين كين وترامب، التي توطدت خلال فترة خدمته في العراق، ساهمت في ترشيحه للمنصب، ودعمت اعتماد البرنامج في البداية.
النسخة الأولى
يُذكر أن النسخة الأولى من قانون "المرأة والسلام والأمن" كانت قد أُعدت في مجلس النواب بواسطة كريستي نويم، التي كانت تمثّل ولاية ساوث داكوتا في الكونجرس حينها، بالشراكة مع النائبة الديمقراطية جان شاكوسكي من إلينوي.
وفي مجلس الشيوخ، شارك السيناتور الجمهوري ماركو روبيو في رعاية القانون، وأكد مؤخرًا أنه "أول قانون في العالم تضعه دولة لتعزيز حماية المرأة ومشاركتها المجتمعية".
أصل البرنامج
ويعود أصل البرنامج إلى قرار تاريخي تبناه مجلس الأمن الدولي بالإجماع في أكتوبر 2000، يقضي بضرورة إشراك النساء في جهود بناء السلام، خاصة بالنظر إلى الأثر الكبير الذي تتحمله النساء والفتيات خلال النزاعات المسلحة.

وفي تعقيبه على تصريحات "هيجسيث"، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك: "ليس سرًا أن النساء ما زلن على هامش عمليات السلام الرسمية وصنع القرار، وهو أمر لا يخدم قضية السلام". وأضاف أن "أحد الآثار الواقعية لبرنامج المرأة والسلام والأمن هو زيادة عدد النساء المشاركات في بعثات حفظ السلام، وهو ما أسهم في تعزيز حماية المدنيين في مناطق النزاع بشكل ملحوظ".
انتقادات واسعة
وأثار منشور "هيجسيث" موجة من الانتقادات داخل الأوساط السياسية الأمريكية، خاصة من قبل المشرعين الديمقراطيين الذين أعربوا عن قلقهم المتواصل بشأن أهليته للمنصب، لا سيما بعد الكشف عن استخدامه لتطبيق "سيجنال" التجاري لمشاركة معلومات عسكرية حساسة مع مسؤولين آخرين وأفراد من عائلته.
ويُذكر أن البرنامج لم يكن مجرد مبادرة قانونية عابرة، بل كان يحظى بدعم مباشر من إدارة ترامب وعائلته، إذ احتفت به إيفانكا ترامب في عام 2019 عند الإعلان عن شراكة جديدة لتدريب طالبات الشرطة في كولومبيا، ما يجعله أحد أبرز إنجازات الإدارة السابقة في ملف تمكين المرأة على الصعيد الدولي.