تعليقا على رفع روسيا حركة طالبان من قائمة الإرهاب
باحث فى شئون الجماعات لـ"نيوز رووم": تمهيدا لإقامة علاقات سياسية واقتصادية

قال عمرو فاروق الباحث في شئون الجماعات الأصولية، لـ"نيوز رووم"، إن قرارات المحكمة العليا الروسية، برفع حركة "طالبان" من قائمة المنظمات الإرهابية وتعليق الحظر المفروض على أنشطتها في 17 أبريل 2025، بعد أكثر من عقدين منذ تصنيفها عام 2003، يستند إلى مرسوم أصدره الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين في عام 2024، تمهيدا لإقامة علاقات سياسية واقتصادية، وإبرام عدد من الاتفاقيات الشاملة بين روسيا وأفغانستان خلال الفترة المقبلة.
أوضح فاروق، أن القرار الروسي يخالف الموقف الرسمي والدولي بعدم الاعتراف بحكومة كابول منذ سيطرتها على مقاليد الحكم في أغسطس 2021، عقب سقوط حكومة أشرف غني، وذلك في إطار مجموعة من القرارات والمصالح البرجماتية بين البلدين، منها تحجيم نشاط "داعش خراسان"، الذي نفذ عددا من العمليات ضد المصالح الروسية خلال السنوات الأخيرة، خاصة أن التنظيم يمثل تهديدًا مشتركا بينهما وعائقًا أمام استقرار الأوضاع في الداخل الأفغاني، بعد تلقيه دعمًا على المستوى المالي والبشري والعسكري، من العناصر المنشقة عن حركة "طالبان".
وقال فاروق إن القرار يستهدف سعي موسكو إلى ترسيخ مكانتها كقوة إقليمية مؤثرة، معتبرة أن طالبان تمثل "القوة الحقيقية" في آسيا الوسطى، في ظل سقوط عدد من روافد المشروع الإيراني في لبنان وسوريا واليمن، والتي تعتبر حليفا استراتيجيا للحكومة الروسية، فضلا استغلال الفراغ الناجم عن انسحاب القوات الأمريكية من الداخل الافغاني، وضمان عدم تحويل حكومة كابول الحالية إلى وكيل مباشر للإدارة الأمريكية في ظل رئاسة ترامب لبيت الأبيض.
وأكد فاروق، أن القرار الروسي مشمول بتحقيق مصالح استراتيجية قومية واقتصادية، في ظل تطلعات روسيا بتحويل أفغانستان إلى مركز عبور للغاز الروسي المتجه إلى دول جنوب شرق آسيا، فضلا مشاريع البنية التحتية والاستثمارات المرتبطة بمبادرة الحزام والطريق، والتي من شأنها أن تربط أفغانستان بعدد من دول الجوار مثل كازاخستان وبيلاروسيا وأوزبكستان.
وأشار إلى أنه رغم العداء التاريخي بين طالبان والجانب الروسي منذ الحرب الأفغانية الروسية، فإن القرار يأتي في صالح حكومة كابول التي ترغب في الحصول على شرعيتها داخليًا وخارجيًا، وتعزيز علاقتها على المستوى الإقليمية خاصة مع الدول وثيقة الصلة بالجانب الروسي، ومن المرجح أن القرار الروسي سيدفع دول عربية وغربية إلى مراجعة سياساتها تجاه حكومة كابول خلال المرحلة المقبلة، ولا يستبعد أن يمهد القرار إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على أفغانستان وحصولها على مقعدها في الأمم المتحدة، والإفراج عن أصولها المجمدة.
وكانت قد أعلنت المحكمة العليا في روسيا، يوم 17 إبريل 2025، أنها صادقت على رفع حركة طالبان من قائمة المنظمات الإرهابية، في خطوة تعكس مرونة المفهوم الروسي للإرهاب وبراغماتية موسكو في التعامل مع الملف الأفغاني، كما يُشكل القرار خطوة مهمة لطالبان نحو كسب ورقة الاعتراف الدولي والاندماج في المنظومة الأممية.
وقد توج هذا القرار، الذي دخل حيز التنفيذ بشكل فوري ووصفه وزير خارجية طالبان، أمير خان متقي، بـ"تطور مهم في علاقات البلدين"؛ مسار التقارب بين موسكو وكابول، ويُرتقب أن يعزز المصالح المتبادلة ويحقق الأهداف الاستراتيجية للدبلوماسية الروسية.
تبنت روسيا منذ سيطرة حركة طالبان على كابول، في أغسطس 2021، مقاربة براغماتية في تعاملها مع المسألة الأفغانية، بالرغم من وجود الحركة ضمن قائمتها للمنظمات الإرهابية منذ عام 2003.