الأسلحة المنهوبة من الجيوش الوطنية تغذي العنف المتطرف
تحقيقات تكشف مصدر الإمدادات الرئيسية للجماعات المسلحة في منطقة الساحل

توصل محققون أوروبيون إلى أن تصاعد عنف الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل الأفريقي يُعزى بدرجة كبيرة إلى الأسلحة التي استولت عليها هذه الجماعات خلال هجماتها على الجيوش الوطنية.
ووفقًا لتحليل أجرته مؤسسة أبحاث تسليح الصراعات، وهي منظمة بريطانية مستقلة، فقد استند التحقيق إلى دراسة 726 قطعة سلاح تم ضبطها بين عامي 2014 و2023 في منطقتي "الحدود الثلاثة" (بوركينا فاسو، مالي، النيجر) وحوض بحيرة تشاد (النيجر، تشاد، نيجيريا).
وكشفت النتائج أن نحو 20% من هذه الأسلحة جاءت مباشرة من مخزونات الجيوش الوطنية في المنطقة، وسط ترجيحات بأن النسبة الفعلية قد تكون أعلى.
الأسلحة البسيطة وخطر الطائرات المسيّرة
يشير التقرير إلى أن الجماعات المسلحة في الساحل تعتمد بصورة أساسية على أسلحة المشاة التقليدية مثل بنادق الكلاشينكوف، المعروفة بمتانتها وسهولة استخدامها.
وأوضح رئيس عمليات مركز الأبحاث في غرب أفريقيا، كلاوديو غراميزي، أن الحصول على السلاح في هذه المناطق كان ميسرًا منذ عقود بسبب تراكم مخزونات الصراعات السابقة، بما في ذلك بقايا الحرب الليبية.
كما لفت التقرير إلى تحول جديد في تكتيكات الجماعات المسلحة، يتمثل في استخدام طائرات مسيّرة مدنية بعد تعديلها لإلقاء شحنات متفجرة على مواقع القوات النظامية، كما حدث في مارس الماضي ضد قوات كاميرونية بعملية عسكرية في منطقة وولغو.
أنشطة موازية ودور الصراعات السابقة في تدفق السلاح
أبرز التقرير أن تهريب الأسلحة لا يمثل مصدر دخل رئيسي للجماعات الجهادية، التي تعتمد بدلًا من ذلك على أنشطة مثل الخطف، فرض الإتاوات، ونهب الموارد الطبيعية.
وأشار الباحثون إلى أن جزءًا من الأسلحة التي بحوزة هذه الجماعات يعود إلى "الإرث العسكري" لصراعات سابقة، حيث تحولت منطقة الساحل إلى مستودع أسلحة مفتوح بعد انهيار النظام الليبي.
وفي مؤشر مقلق، أوضح تقرير مؤشر الإرهاب العالمي 2025 أن منطقة الساحل سجلت أكثر من 51% من الوفيات المرتبطة بالإرهاب عالميًا خلال عام 2024، وهو أعلى معدل في تاريخ المؤشر حتى الآن.
الجهود الدولية لاحتواء تدفق السلاح
تبذل عدة منظمات إقليمية ودولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، جهودًا متواصلة للحد من انتشار الأسلحة غير المشروعة في منطقة الساحل.
وتشمل هذه الجهود برامج لجمع الأسلحة من المدنيين، وتعزيز قدرات الجيوش الوطنية في تأمين مخازنها، إضافة إلى مبادرات لمراقبة الحدود المترامية الأطراف.
غير أن ضعف البنية الأمنية وامتداد شبكات التهريب العابرة للحدود لا يزالان يمثلان تحديات كبيرة أمام فعالية هذه الإجراءات.