عاجل

ترامب يحاصر الجامعات...

صوتك ضد إسرائيل؟.. إذن تأشيرتك في خطر

ترامب وحملة «100
ترامب وحملة «100 يوم» ضد الجامعات الأمريكية

استعرض تقرير لموقع صحيفة يديعوت آحرونوت العبرية، حملة «100 يوم» للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد الجامعات الأمريكية، والنشاطات المناهضة لإسرائيل.

وأوضحت  الصحيفة أن الرئيس – منذ توليه منصبه في 20 فبراير الماضي، ربط بين استمرار حصول الجامعات على التمويل الفيدرالي، وبين طريقة تعاملها مع الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين، مما أثار مخاوف واسعة بشأن حرية التعبير في الحرم الجامعي.

حملة «100 يوم» 

وفي عيد المساخر (بوريم) الأخير، وجهت إدارة كلية الصحافة بجامعة كولومبيا — المؤسسة العريقة المانحة لجوائز بوليتزر — تعليمات إلى طلابها تطالبهم بالامتناع عن الكتابة حول مواضيع معينة، تشمل غزة، إسرائيل، وأوكرانيا، مع التركيز بشكل خاص على قضية محمود خليل، خريج الكلية الذي اعتُقل في أبريل الجاري وتم احتجازه في مركز اعتقال سيء السمعة بولاية لويزيانا. 

وحذر العميد قائلاً: "لا أحد يستطيع حمايتكم". وكان هذا التحذير موجهًا بالأساس إلى الطلاب الدوليين، الذين كانوا يخشون فقدان تأشيراتهم أو تعرض وضعهم القانوني للخطر.

وبالنسبة للكثير منهم، شكل هذا التهديد نقطة تحول حاسمة. فقد بدا فجأة أن مهنة الصحافة في أمريكا ــ التي طالما اعتُبرت رمزًا للحرية ــ أصبحت مهنة محفوفة بالمخاطر. وتساءل أحد الطلاب: "ما جدوى دراسة الصحافة إذا لم يكن بإمكانك نشر الحقيقة؟".

<span style=
ترامب وحملة «100 يوم» ضد الجامعات الأمريكية

أهواء دراسية

وفي ذات الأسبوع، صرح وزير الخارجية ماركو روبيو، بأن الدراسة في الولايات المتحدة تُعد امتيازًا لا حقًا مكتسبًا، مشددًا بقوله: "لا أحد يمتلك حق الحصول على تأشيرة طالب، ولا أحد يمتلك الحق في البطاقة الخضراء". 

ومع ذلك، فإن حتى روبيو، نفسه قد يقر بأن الامتياز لم يكن يومًا محصورًا بالعملية التعليمية الرسمية فقط. إذ اعترف رجل الأعمال إيلون ماسك سابقًا، أنه خلال دراسته في جامعة بنسلفانيا، كان ينشغل بأمور تتجاوز الفصول الدراسية: من لعب الشطرنج مع عمال الكافتيريا الإثيوبيين، إلى تعلم ألعاب الخفة، وصولًا إلى إطلاق شركته الناشئة. 

وهكذا، كانت تجربة الدراسة في أمريكا دومًا مزيجًا من التعلم الأكاديمي والانخراط في الحياة العامة. فالطالب الحقيقي لا يقتصر على الحضور في المحاضرات، بل يعيش في خضم النقاشات والصراعات والواقع.

لكن بالنسبة لإدارة ترامب، كانت الجامعات ساحة معركة استراتيجية منذ بداية عهده. 

إجراءات قمعية 

التزم ترامب بوعوده الانتخابية، واتخذ إجراءات قمعية غير مسبوقة بعد تصاعد موجة الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في الحرم الجامعي. وشملت هذه الإجراءات تجميد التمويل الفيدرالي للجامعات الكبرى، وحملات استهداف ممنهجة ضد الطلاب الدوليين، وإعادة صياغة حدود حرية التعبير داخل الأوساط الأكاديمية. 

ويرى مؤيدو هذه الإجراءات أنها ضرورية لحماية الطلاب اليهود، بحجة أن الاحتجاجات تجاوزت التعبير المشروع عن الرأي إلى معاداة السامية الصريحة. ويؤكدون أن التدخل الحكومي لم يكن بدافع سياسي، بل بدافع حماية القيم الأساسية وضمان بيئة آمنة لكل الطلاب.

بدأت هذه الحملة بجامعة كولومبيا، التي كانت مركزًا رئيسيًا للاحتجاجات. وقامت الإدارة الفيدرالية بتجميد نحو 400 مليون دولار من المنح المخصصة للجامعة. ورغم أن كولومبيا استجابت جزئيًا عبر فرض حظر على ارتداء الأقنعة خلال التظاهرات، وتوسيع سلطات الأمن الجامعي، وتشديد الرقابة على قسم دراسات الشرق الأوسط، إلا أن التمويل لم يُستأنف بالكامل. 

<span style=
ترامب وحملة «100 يوم» ضد الجامعات الأمريكية

تبع ذلك تصعيد أكبر مع جامعة هارفارد، حيث طالبت الحكومة بطرد الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المتهمين بـ"دعم حماس"، وحظر الجماعات المؤيدة للفلسطينيين، والكشف عن مصادر التمويل الأجنبي.

وعندما رفضت هارفارد تنفيذ هذه المطالب، جُمدت ملياري دولار من التمويل الفيدرالي، مع تحذير واضح بأن الاستئناف مرهون بـ"تغييرات هيكلية" داخل الجامعة. أما الجامعات الأخرى، فقد التزمت الصمت أو حاولت المناورة لكسب الوقت.

اعتقال الطلاب الدوليين

على الصعيد ذاته، تعرض عشرات الطلاب الدوليين للاعتقال وأُلغيت تأشيراتهم، تحت ذريعة أن أنشطتهم تتعارض مع المصالح الأمريكية. وأصبح محمود خليل، الطالب السوري الفلسطيني وخريج جامعة كولومبيا، رمزًا لهذه الحملة القمعية. 

خليل، المتزوج من مواطنة أمريكية ويحمل البطاقة الخضراء، لم توجه إليه أي تهم رسمية. ومع ذلك، لا يزال محتجزًا بموجب قانون هجرة يعود إلى الحرب الباردة، صُمم في الأصل لمنع التجسس الشيوعي، وأُعيد استخدامه اليوم لاحتجاز المهاجرين لأسباب تتعلق بـ"الاعتبارات السياسية الخارجية".

والرسالة التي تبعثها إدارة ترامب كانت واضحة: إذا لم تتمكن الجامعات من ضمان أن تكون الحرمات الجامعية "بيئات آمنة للطلاب اليهود"، فستفقد تمويلها الفيدرالي. 

إلا أن مطالب الحكومة تجاوزت ذلك بكثير، فشملت مراقبة الشعارات والهتافات، وفصل أعضاء هيئة التدريس، وحظر منظمات طلابية بكاملها. وأسئلة معقدة باتت تُطرح: أي الشعارات مقبولة؟ من هم الأساتذة الذين يستحقون الاحتفاظ بوظائفهم؟ وهل التعبير عن التضامن مع غزة يُعد دعمًا للإرهاب أم معاداة للسامية؟

<span style=
ترامب وحملة «100 يوم» ضد الجامعات الأمريكية

انتهاك حرية التعبير

ويتهم منتقدو ترامب إدارته بانتهاك حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية في الجامعات، محذرين من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى عواقب عكسية. حتى داخل الجالية اليهودية نفسها، ظهرت انقسامات؛ فبينما يرحب البعض بالتدخل الحكومي حماية للطلاب اليهود، يخشى آخرون من استخدام قضيتهم كأداة سياسية، ما قد يؤدي إلى تصاعد معاداة السامية وزيادة التوتر مع الجاليات المسلمة في الولايات المتحدة.

وبعد مرور نحو 100 يوم من ولاية ترامب، أصبح من الواضح أن استهداف الجامعات لم يكن قرارًا عشوائيًا، بل استراتيجية مدروسة. فالجامعات تمثل، في نظر الإدارة، رموزًا للنخبوية الليبرالية والامتيازات التي وعد ترامب بمواجهتها. 

وبينما لم يُصرح ترامب بذلك صراحة، إلا أن ساحة المعركة باتت جلية: الحرم الجامعي، شأنه شأن الكونجرس، أصبح جبهة سياسية رئيسية في المعركة الأوسع حول هوية أمريكا ومستقبلها.

تم نسخ الرابط