عاجل

قناة السويس شريان التجارة العالمي في مواجهة التحولات الجيوسياسية

قناة السويس
قناة السويس

أثارت تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول قناة السويس وقناة بنما تساؤلات حول الدور الأمريكي في إدارة الممرات المائية الاستراتيجية، حيث ادعى عبر منصته "تروث سوشيال" أن بلاده تعتبر "العامل الحاسم في وجود القناتين"، في إشارة غامضة تزامنت مع تحركات أمريكية لمواجهة النفوذ الصيني في بنما. 

وجاءت تصريحاته بالتزامن مع تكليف وزير الخارجية ماركو روبيو بإعداد مذكرة حول الموضوع.

صراع النفوذ.. الصين في دائرة الاهتمام

كشفت تقارير إعلامية عن ارتباط التصريحات الأمريكية بمسار تفاوضي لتقليص الوجود الصيني في قناة بنما، حيث أجبرت ضغوط أمريكية شركة مقرها هونغ كونغ على بيع أصول بمليارات الدولارات لتحالف بقيادة "بلاك روك" الأمريكية.

وتأتي هذه الخطوات رغم أن السفن الأمريكية تهيمن على 52% من حركة مرور بنما، وفق إحصائيات 2024، بينما لا تتجاوز حصة الشحنات التجارية الأمريكية عبر السويس 3%.

من الفراعنة إلى العصر الحديث.. رحلة ملحمية

يعود تاريخ الممر المائي المصري إلى عصور سحيقة، حيث تشير السجلات الأثرية إلى محاولات حفر قناة تربط النيل بالبحر الأحمر منذ 1850 قبل الميلاد لأغراض زراعية.

وشهدت قناة السويس تطويراً متواصلاً عبر العصور البطلمية والرومانية والعربية، قبل أن تندثر في العصر العباسي.

وفي القرن التاسع عشر، أعاد ديليسبس إحياء فكرة قناة السويس بتمويل مصري- فرنسي مشترك،رحيث استغرق الحفر عشر سنوات (1859-1869) وسط تحديات وبائية ولوجستية، لتنطلق أول سفينة عبر القناة في نوفمبر 1869.

وتحولت ملكية قناة السويس لاحقاً إلى صراع دولي، توج بتأميمها عام 1956 تحت قيادة جمال عبدالناصر، في خطوة غيرت موازين القوى الإقليمية.

قناة السويس
قناة السويس

عمود الاقتصاد المصري

تمثل قناة السويس اليوم شرياناً حيوياً للتجارة العالمية، حيث تستوعب 12-15% من البضائع المنقولة بحراً، و30% من الحاويات، بالإضافة إلى 9% من إمدادات النفط و8% من الغاز المسال عالمياً. 

وسجلت إيرادات قناة السويس رقماً قياسياً عام 2023 بلغ 9.4 مليار دولار، رغم تراجع العبور بنسبة 29% في بنما المجاورة بسبب الجفاف.

وبحسب تقرير للمجلس الأطلسي، تعبر القناة يومياً سفن تحمل بضائع بقيمة 3-9 مليارات دولار، ما يجعل أزماتها "مؤثرة مباشرة في الاقتصاد العالمي". 

وتعمل الدولة المصرية حالياً على توسيع المجرى الملاحي وزيادة عمقه لاستيعاب السفن العملاقة، في مسعى لتعزيز مكانتها كمركز لوجستي إقليمي.

ورغم التقلبات السياسية، تظل قناة السويس رمزاً للسيادة المصرية ومصدراً للفخر الوطني، حيث تديرها هيئة قناة السويس منذ تأميمها، لكن الخبراء يحذرون من مخاطر متصاعدة بدءاً من التغيرات المناخية التي تهدد الملاحة، مروراً بالمنافسة مع طرق بديلة، وصولاً إلى التداعيات الجيوسياسية لتصاعد التوترات الدولية.

تم نسخ الرابط