عاجل

«ردًا على ترامب»... قناة السويس مصرية منذ 3000 عام وأمريكا رفضت المشاركة

ارشيفية
ارشيفية

طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر تدوينة له بمواقع التواصل الاجتماعي، أصدرها بتاريخ أمس السبت، 26 أبريل، طالب فيها بعبور السفن الأمريكية –التجارية والعسكرية- مجانًا عبرقناتي بنما والسويس، تحت ادعاء أنه لولا أمريكا ماكان هناك وجودًا لهاتين القناتين.

وبتقصي وقائع التاريخ نجد أن تصريحات ترامب واهية، وهي أشبه بتصريحات العملاق الذي يقف على أرجل من ورق، لن تصمد أمام رياح الحقيقة، فقناة السويس مصرية أصيلة يرجع تاريخ التفكير فيها، قبل أن يسمع العالم بقارة العالم الجديد بآلاف الأعوام.

فأول من فكر في ربط البحرين الأبيض المتوسط والأحمر كان هم قدماء المصريين، حيث أن قناة سيزوستريس، حيث بدأ التفكير إنشاء قناة تصل بين البحرين منذ أواخر عهد الملك «أمنحتب الأول» وتحديدًا في القرن الـ 20 ق.م، إذ طُرحت حينها فكرة ربط البحرين الأحمر والأبيض لتأمين حدود مصر الشرقية.

تنفيذ القناة 

والحقيقة أن الفكرة تم تنفيذها بالفعل في عام 1847 ق.م، وتحديدًا في عهد الملك سنوسرت الثالث (1878 ق.م -  1839 ق.م)، حيث شَق قناة للربط بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط عن طريق النيل، سُميت بـ «قناة سيزوستريس»، وسيزوستريس هو الاسم اليوناني للملك سنوسرت الثالث، وكان الهدف من تلك القناة هو توطيد التجارة وتيسير المواصلات بين الشرق والغرب.

آلية عمل قناة قدماء المصريين 

وكانت آلية عمل تلك القناة، أن السفن القادمة من البحر الأبيض المتوسط، تسير في النيل حتى مدينة الزقازيق، ومنه إلى البحر الأحمر عبر البحيرات المرة التي كانت متصلة به في ذلك الوقت، ومازال لهذه القناة أثار في قرية جنيفة بمحافظة السويس.

محاولات الصيانة

بعد مرور العديد من القرون وتحديدًا في عام 610 ق.م، ردمت تلك القناة، بسبب ضعف إجراءات الصيانة، وأصبح هناك سد ترابي عازل ما بين البحيرات المرة والبحر الأحمر، وحاول الملك نخاو الثاني إعادة شَقها، ولكنه فشل.

الفرس والبطالمة

في العصور الفارسية ثم البطلمية ثم الرومانية ثم البيزنطية، اهتم ملوك وولاة مصر بإعادة تشغيل القناة مرة أخرى، وفشل بعضهم في ذلك ونجح البعض الآخر، وأنشأ الرومان وصلة جديدة للقناة تبدأ من القاهرة، وتصب في قرية العباسة بمحافظة الشرقية، لتتصل بالقناة القديمة.

العصر الإسلامي

لما بدأت العصور الإسلامية في مصر أمر الخليفة عمر بن الخطاب بتجديد القناة التي تربط عاصمة مصر بخليج السويس، وسُميت بـ «قناة أمير المؤمنين»، واستُخدمت في التجارة بين العرب ودول العالم.
استمرت قناة أمير المؤمنين حتى أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور في عام 760 ميلاديًا بردم القناة، وسدها من جهة السويس، لمنع أي إمدادات بالمؤن والعتاد من مصر إلى أهالي مكة والمدينة المنورة، الثائرين ضد الحكم العباسي.

القناة حديثًا

بعد قرون أخرى، ومع احتلال فرنسا لمصر، عام 1798، درس علماء الاحتلال الفرنسي، إنشاء قناة تربط مباشرة بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وحدثت محاولات للتنفيذ حتى بعد انتهاء الاحتلال عام 1801، ولكن الحسابات الخاطئة أفشلت المشروع.

وفي عام 1847، عرض الفرنسيون على محمد علي باشا، مشروعًا لحفر القناة، ولكنه رفض لأنه لم يكن يتضمن إشراف الحكومة المصرية عليه.

في عام 1854، حصل المهندس الفرنسي فرديناند ديلسبس على امتياز حفر قناة السويس بعدما أقنع الخديوي محمد سعيد، وكانت الشروط مجحفة، حيث نص الاتفاق على تقديم مصر 80% من العمال اللازمين للحفر، وتكليف جميع موظفيها في الدوائر الحكومية بأن يكونوا رهن تصرف الشركة المنفذة.

ووفق الاتفاق، تحصل مصر على 15% فقط من أرباح «القناة»، ويشرف ديلسبس على الشركة المنشأة، على أن يمتد امتياز قناة السويس لـ99 عامًا تبدأ من تاريخ افتتاحها، وأُنشئت بموجب هذا، الشركة العالمية لقناة السويس البحرية عام 1858م، وبدأ حفر القناة عام 1859م.

ماطلت الشركة المنفذة لأعمال الحفر، في دفع أجور العمال، ولم تقدم لهم الغذاء والماء والعلاج الكافين والمناسبين، وهو ما أدى لوفاة الآلاف منهم خلال الحفر وحتى الانتهاء والافتتاح عام 1869.

موقف أمريكا من قناة السويس

عندما أنشأ المهندس الفرنسي ديلسبس «الشركة العالمية»، كانت مقسمة على 400 ألف سهم، بقيمة 200 مليون فرنك، وخُصص لكل دولة كبيرة عددًا معينًا من الأسهم، وكان نصيب مصر 92.1 ألف سهم بنسبة 23%، والحكومة الفرنسية 207 ألف سهم بنسبة 51.75%.

خصصت الشركة لدول إنجلترا والولايات المتحدة والنمسا وروسيا 85 ألف سهم، لكن هذه الدول رفضت المشاركة في اكتتاب القناة، ما دفع مصر إلى الاستدانة وشراء نصيبهم لتمتلك 177.4 ألف سهم، بنسبة 44.3%، ولترفع نصيبها من الأرباح إلى 31%.

لم تستفد مصر من حصتها بـ «القناة» سوى 6 أعوام، وفي عام 1875، اشترت انجلترا نصيب مصر مقابل 4 مليون جنيه استرليني، بسبب تراكم ديون الخديوي إسماعيل الشخصية، وفي عام 1880، اشترى البنك العقاري الفرنسي حق مصر في الحصول على 15% من الأرباح.

مصر تستعيد القناة وتطورها

في 26 يوليو 1956، استعادت مصر «القناة»، بعد قيام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بتأميمها، واتخذتها فرنسا وانجلترا ذريعة للتحالف مع إسرائيل وشن عدوانًا ثلاثيًا على مصر.
بحلول عام 1963، سددت مصر 28.3 مليون جنيه، بالعملة الصعبة، قيمة 800 ألف سهم، تعويضًا للمساهمين عما يملكوه من أسهم وحصص تأسيس، بحسب موقع هيئة قناة السويس.
عقب هزيمة مصر في حرب 1967، أغلقت القناة لمدة 8 سنوات، حتى افتتحها الرئيس الأسبق محمد أنور السادات في 29 مارس 1975، بعد نحو عام ونصف من نصر أكتوبر 1973.
طوال 87 عامًا منذ افتتاح «القناة» عام 1869، وحتى تأميمها عام 1956، لم تنفذ الشركة التي أدارت «القناة»، سوى 7 مشروعات لتطويرها، فيما عملت مصر منذ استعادة «القناة»، على تنفيذ مشاريع مختلفة لتعظيم الاستفادة منها، وفي عام 1980، بلغ حجمها 14 ضعف ما كانت عليه عند الافتتاح، و4 أضعاف عند التأميم.

تم نسخ الرابط